مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

“التواصل”.. في زمن الانفصال الرقمي!

 

 

في زمنٍ كانت فيه المسافات تعني البُعد الحقيقي كانت القلوب تشتاق بصدق وكانت الرسائل تنتظر أيامًا وربما أسابيع لتصل حاملة معها دفء الكلمات وعطر الحنين أما اليوم فصرنا نلمس الوجوه عبر شاشات مضيئة ونسمع الأصوات من خلف سماعات لا تحمل سوى صدى اللحظة السريعة.
لقد جاءت التكنولوجيا كضيف أنيق يعد بالكثير من الراحة والسهولة فتسللت إلى تفاصيلنا الصغيرة استوطنت مقاعدنا وأسرّتنا وحتى لحظات صمتنا التي كنا نستكين فيها لأنفسنا ومع مرور الوقت لم نعد نميّز بين الحضور الحقيقي والافتراضي صار من نحبهم على بعد لمسة شاشة لكنهم في الحقيقة قد يكونون أبعد مما كانوا عليه حين كنا ننتظرهم بلا وسائط.
أصبحت الجلسات العائلية مختلطة بضوء الهاتف أصبحت الضحكات مشوشة بإشعارات من تطبيقات لا تنام وأصبحت أعيننا تلتقي أحيانًا على طاولة واحدة لكن الأرواح مشغولة بما يحدث في عالم آخر خلف الزجاج اللامع.
ورغم هذا فإن للتكنولوجيا قلبًا آخر لا يمكن إنكاره فقد أعادت وصل من تقطعت بهم السبل وجمعت من فرقهم الزمن أو المكان وأتاحت الفرص لمن لا صوت لهم أن يُسمِعوا العالم حكاياتهم أن يكتبوا وأن يعبروا وأن يكونوا جزءًا من هذا الكون الواسع.
لكننا ما بين التقريب والتبعيد نسينا كيف نمسك بيد من نحب دون أن نلتقط صورة ونسينا كيف نصغي دون أن نُقلّب الشاشات بين حديث وآخر وصرنا نبحث عن أعين تعرفنا لا صور تعلق بنا وصرنا نكتب الكثير ونشعر القليل.
فهل نحن بحاجة إلى إيقاف الزمن قليلًا لنتذكر كيف كنا قبل أن تغمرنا هذه العاصفة الرقمية أم أننا فقط بحاجة إلى ترويض هذه الوسائل لنبقى بشرًا لا مجرد مستخدمين مرتبطين بخيوط لا تُرى.
قد يكون الحل في أن نعيد للتفاصيل قيمتها أن نتحدث بصدق لا بسرعة أن نكتب لنصل لا لنجذب أن نحب دون إعلان وأن نحيا قليلًا خارج الشبكة لنعرف من نحن حقًا.

 

أ. سمر الصباح
@ssamarsab
عضو جمعية اعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop