مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

المملكة بعصر التأثير والحراك الاجتماعي

 

في زمن لم تعد فيه الكاميرا مجرد ناقل، بل شريك في تشكيل الرأي، يتجلى الدور المحوري للإعلام السعودي كرافعة للحراك الاجتماعي، لا مرآة له فقط. نحن في عصر التأثير، حيث لم تعد الرسائل تنبع فقط من القنوات الرسمية، بل من منصات الأفراد، من المؤثرين، من رواة الحكايات الرقمية الذين يصنعون المزاج العام ويقودون الحديث الوطني.

لقد شهدت المملكة العربية السعودية في العقد الأخير حراكًا اجتماعيًا ديناميكيًا، تماشياً مع رؤية 2030، وامتد ليشمل تمكين المرأة، تنوع الفرص، إحياء الثقافة، والانفتاح المجتمعي. لكن هذا الحراك لم يكن ليتجذر في وعي المواطن لولا جهاز إعلامي ذكي ومواكب، استطاع أن يُظهر التحول لا كمشهد عابر، بل كقصة وطن تُروى من كل زاوية.

في قلب هذا التحول، أعاد الإعلام السعودي تعريف دوره: لم يعد مجرد ناقل للمعلومة، بل أصبح لاعبًا في هندسة الصورة الذهنية للمجتمع الجديد. ولعل أبرز ما يميز المشهد اليوم هو تحالف الإعلام التقليدي مع الإعلام الرقمي في بناء خطاب وطني جديد، ينقل التغيرات بصيغة التأثير لا التكرار.

 

دخل المؤثرون الجدد رواة الحراك الاجتماعي على الخط، ليس كمزاحمين للصحافة، بل كمكملين لدورها. أصبحوا عين المواطن ولسانه، يسلطون الضوء على القصص الصغيرة التي تصنع التحول الكبير: مبادرة شبابية هنا، رائدة أعمال هناك، فنان يحيي التراث، أو محتوى يحفّز الحوار المجتمعي. هؤلاء المؤثرون، حين يرتبطون برؤية وطنية، يتحولون إلى قنوات حيوية في إبراز الحراك الاجتماعي بلغة يفهمها الناس ويثقون بها.

لم يعد الإعلام السعودي ينتظر أن يحدث الحراك ليغطيه، بل أصبح صانعه أحيانًا. نرى ذلك في الحملات الإعلامية التي تتبنى قضايا اجتماعية، في البرامج التي تناقش قضايا تمكين الشباب، في المبادرات التي تدمج الإعلام في التنمية الاجتماعية. وهنا يتجلى الفارق.. إعلام يشارك لا يراقب، يقترح لا يصف فقط.

وبين التأثير والمسؤولية نرى المعادلة السعودية، حيث يتدفق المحتوى من كل صوب، تُطرح أسئلة جوهرية: من يصنع الحراك؟ ومن يوجهه؟ هنا تظهر أهمية الإعلام المسؤول، الإعلام الذي لا يركب موجة التريند بل يصنع اتجاهًا، الذي لا يسعى للضجيج بل لبناء وعي جماعي رصين. والمملكة، من خلال مؤسساتها الإعلامية الجديدة، ومنصاتها الوطنية، ومبادراتها التشريعية، تحاول خلق بيئة متوازنة بين حرية التعبير وصون الهوية.

وفي عصر التأثير، أصبح الحراك الاجتماعي السعودي مرئيًا، مسموعًا، ومحسوسًا. وما كان يومًا طموحًا ضمن رؤية، أصبح اليوم واقعًا يعيشه المواطن ويراه العالم. وفي قلب هذا المشهد المتغير، يبقى الإعلام السعودي هو الميكروفون الذي يتحدث به الوطن، لا ليملي على الناس، بل ليحاورهم ويصنع معهم مستقبلًا مشتركًا ويصدح بصوت الوطن ويتجدد في كل مرحلة بتقنية مذهله وملهمة.

 

أ. صالحة الحربي
salha0987@
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop