استيقظتُ ككل صباح، على صوت المنبّه ذاته، في الغرفة ذاتها، لأستعد للذهاب إلى عملي. لا جديد في الروتين: ملابس العمل، جدول المهام، الطريق المعتاد، وكل تلك الوجوه التي أُتقن التعامل معها أكثر مما أُتقن التعامل مع ذاتي.
لكن صباح اليوم كان مختلفًا… شيء ما بداخلي لم يكن كما كان.
وقفتُ أمام المرآة طويلاً، لم أتأمل وجهي فقط، بل راقبتُ التعب المختبئ خلف ابتسامتي، وشعرتُ أني أعيش على الهامش… كأن حياتي مؤجلة.
متى سأبدأ فعليًا بالعيش؟
ولِمَ أتعامل مع أيامي وكأن هناك “فرصة قادمة” أستحق أن أعيش فيها كما أريد؟
في الطريق إلى العمل، لم أكن كعادتي أراجع المهام أو الردود الرسمية، بل كنت أفكّر في الأشياء التي طالما أجّلتها:
مشروع صغير كتبته ثم تركته، هوايات دفنتها تحت كلمة “لاحقًا”، مشاعر لم أمنحها حقّها، وراحة كنت أؤجلها حتى نهاية الأسبوع… وكل أسبوع جديد يحمل التأجيل ذاته.
جلستُ في مكتبي، ونظرت إلى ساعتي وكأنها تهمس لي:
“الوقت لا ينتظر أحدًا.”
فكتبتُ في مفكرتي:
“الحياة لا تملك زرّ إعادة، وليست نسخة تجريبية. إمّا أن أعيشها كما تليق بي، أو أفقدها بصمت.”
عدتُ مساءً، وبدل أن أخلع عباءة العمل فقط، خلعت أيضًا فكرة التأجيل.
بدأتُ أكتب مجددًا، أعتني بروحي، أجرّب ما كنت أخشاه، وأتنفّس… كمن قرر أخيرًا أن يكون في قلب حياته، لا على حافتها.
لأنني أيقنت…
أن الحياة تحدث الآن.
ولا تتكرّر.
أ. شادية الغامدي
عضو جمعية إعلاميون
@shadiyah_gh