مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

بين عامٍ قادمٍ وعامٍ راحل

 

في زحام الأيام، ننسى أحيانًا كيف يمر الوقت. لكن مع نهاية كل عام، يقف بنا الزمن لحظة واحدة، وكأنه يمنحنا وقفة تأمل… لا تشبه غيرها.
بين عام راحل طوينا صفحاته، وعام قادم لم نفتح أبوابه بعد، نجد أنفسنا في تلك المسافة الخفية، نحمل بيدٍ ذاكرة، وباليد الأخرى أمنية.

العام الراحل…
العام الذي مضى لم يكن مثاليًا، لم يكن سهلًا دائمًا. فيه من الألم قدر ما فيه من الفرح، ومن الفقد قدر ما فيه من اللقاءات.
ربما خذلتنا بعض الأهداف، وخذلنا أنفسنا أحيانًا. وربما خسرنا أشخاصًا، أو تغيّرنا نحن حتى بتنا لا نعرف أنفسنا تمامًا.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار ما تعلمناه.
فكل عثرة كانت درسًا، وكل صمت علّمنا شيئًا، وكل خيبة منحتنا مناعة جديدة.
ومهما كان شكل هذا العام، فإن نجاتنا منه – ولو بقلوب مرهقة – انتصارٌ لا يُستهان به.

العام القادم…
أما العام القادم، فهو كصفحة بيضاء، نكتب عليها أول السطور بحذر وأمل.
نحلم فيه بفرص جديدة، وقلوب أكثر سلامًا، وحياة لا تخلو من المعنى.
لكننا لا نملك ضمانًا بأن يكون أفضل… ما نملكه فقط هو نوايانا، واستعدادنا، ومرونتنا.

هو ليس عامًا ينتظرنا، بل عام نحن من نصنعه. بأفكارنا، بأفعالنا، وبالطريقة التي نرى بها العالم من حولنا.
من قرّر أن يحمل معه نفس الألم، سيجد أن الوقت لا يغيّر شيئًا.
أما من قرّر أن يبدأ من جديد – ولو بخطوة صغيرة – فسيرى الفجر من أول نافذة.

لحظة بين العامين…
بين العامين، هناك لحظة لا تتجاوز دقائق… لكنها تسع قلوبنا كلها.
فيها نعيد ترتيب أنفسنا.
نكتب رسائل غفران لأنفسنا.
نعتذر لمن قصرنا في حقه.
نُطفئ نيرانًا تركناها مشتعلة في داخلنا بلا سبب.
نُقبّل رأس أمّ، ونربت على كتف أب، ونُمسك يد صديق غاب دون أن نلومه.

هي لحظة لا نحتاج فيها وعودًا ضخمة، بل نية صادقة.
نية أن نكون أكثر لطفًا مع أنفسنا.
أقل قسوة في أحكامنا.
أهدأ في ردود أفعالنا.
وأقرب إلى من نحب، دون كبرياء أو انتظار.

كلمة الختام…
بين عامٍ راحلٍ وعامٍ قادم، نحن لسنا ضعفاء ولا ضائعين.
نحن بشر… نتعلّم، نُخطئ، نُعيد المحاولة.
وقد لا نصنع أعوامًا مثالية، لكننا نستطيع أن نكون أكثر صدقًا في عيشها.

فوداعًا للذي مضى، بكل ما فيه.
ومرحبًا بما سيأتي… فإننا رغم كل شيء، لا نزال نملك شيئًا لا يُشترى:
أمل البدايات. (وكل عام وانتم بخير)

 

أ. سمر الصباح
‏@ssamarsab
عضو جمعية اعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop