مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

ولي العهد: “هذا مطار يليق بأبها”

في مسيرة الأوطان، هناك كلمات تُكتب على الورق، وأخرى تُنقش في القلوب. وهناك قرارات تُتخذ في الاجتماعات، وأخرى تولد من لحظة صدق بين قائد ومسؤول ميداني. وبين أروقة العمل الحكومي، تتسلل أحيانًا محادثات خاصة لا تُعد للنشر، لكنها حين تخرج للناس، تُلهم وطنًا بأكمله.
في محادثة خاصة عبر تطبيق “واتساب” بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وسمو أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال، ظهرت صورة مشروع مطار أبها الجديد، بتصميمه المذهل والموقع الذي يليق بمدينة تجمع الجمال بالطبيعة والهوية. لم تكن المراسلة استعراضًا، ولم تكن حوارًا بروتوكوليًا، بل لحظة تلاقى فيها الذوق الرفيع مع القرار السيادي. قال ولي العهد معلقًا على التصميم: “مطار عظيم” ثم أضاف بعدها “فوستر عظيم” في إشارة إلى المكتب العالمي الشهير الذي صمم المطار. رد عليه أمير منطقة عسير بكلمة تحمل كثيرًا من التقدير والمسؤولية حين قال: “نعتمده طال عمرك.”
وفي لقطة عفوية وبسيطة، خلال محادثة ودّية بين سمو الأمير تركي بن طلال أمير منطقة عسير، ظهرت حالة الواتساب الخاصة بسيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله ورعاه – والتي كانت خلفيتها بيضاء ناصعة تحمل رمز راية المجد: السيفين والنخلة. كانت رسالة صامتة، لكنها دوّت في قلوب السعوديين، فوحدت الحالات وتعالت أصوات المحبة والوفاء، وازداد التعلق بالقائد الذي يمثل رمز العزة والهيبة. هيبة تختصرها بساطة، وعظمة تُرى بلا كلمات، تعكس حقيقة القيادة التي تعيش مع شعبها بروح واحدة، وتنبض بحب الوطن في أبسط التفاصيل.
لكن ما توقّف عنده الجميع لم تكن تلك العبارات وحدها، بل الجملة التي أتبعها ولي العهد في النهاية، حين قال ببساطة وعمق: “هذا مطار يليق بأبها.” أربع كلمات فقط، تحوّلت إلى موجة من الفخر على امتداد الجنوب، وإلى لحظة وعي عاطفي للمملكة كلها، لأنها لم تكن مجرّد إقرار بمشروع، بل شهادة اعتراف بمكانة مدينة، وتقدير لتاريخها، واحترام لخصوصيتها، وذوق لأهلها، واستحقاقهم.
كلمة “يليق” هنا كانت المفتاح. فهي لم تصف المشروع فقط، بل وصفت المدينة. لم تكن تزكية هندسية، بل قصيدة مختزلة ترى في أبها مدينة لا تُعامل بالحد الأدنى من الخدمات، بل بما يليق بمكانتها في وجدان الوطن. أبها التي طالما انتظر أهلها تطوير مطار يعكس صورتها الحقيقية، وجمال طبيعتها، وهويتها السياحية، جاءهم اليوم وعدٌ بصيغة ذوقية، لا بصيغة تعميم أو خطاب.
ولأن الكبار لا يتحدثون كثيرًا، بل يتركون لعباراتهم أن تعيش، فإن هذه العبارة خرجت من تطبيق مراسلة لتسكن في ذاكرة وطن، وتُدوّن في وجدان الجنوبيين، ليس كتصريح، بل كعهد. عهد بأن المدن تُرى، وأن التفاصيل تُسمع، وأن تطلعات المواطن لا تُؤجل. جملة واحدة حملت من الرسائل ما تعجز عنه مؤتمرات ومشاريع دعائية، لأنها قيلت بلغة القائد الذي يعرف كيف يلامس وجدان المكان، ووجدان أهله.
ولم يعد مشروع مطار أبها الجديد اليوم مجرد بنية تحتية أو استثمار طيران، بل أصبح رمزًا لرؤية شاملة تحترم هوية المكان وتفاصيله. رؤية لا تسعى فقط للتوسعة أو التحديث، بل لتكريس الجمال، والذوق، والانتماء. وهو ما يعكس حقيقة التحول الذي تعيشه المملكة اليوم، حين يصبح التصميم فعل حب، والبنية رسالة هوية، والقرار الإداري مرآة لفكر قائد يريد لكل مدينة أن تعيش على مستوى ما تستحق، لا على مستوى ما يُتاح.
نعم، هذا مطار يليق بأبها، لكنه أيضًا مشهد يليق بالمملكة الجديدة. المملكة التي لا ترى في المدن درجات، ولا في الناس طبقات، بل في كل شبر من أرضها حكاية تستحق أن تُروى بعناية، وأن تُصمَّم بذوق، وأن تُدار بإيمان. ووراء هذا كله، هناك قائد لا تمر عليه صورة دون أن يقرأ ما وراءها، ولا تُعرض عليه مدينة دون أن يشعر بمكانتها، ولا يُقترح عليه مشروع إلا ويسأل: هل يليق؟ لأن ما لا يليق… لا يُقدَّم في هذا العهد.

 

أ. سعيد الأحمري
‏@Historian2080
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop