في الماضي، كانت المراسلات بين الدوائر الحكومية السعودية تتم عبر خطابات ورقية تُنقل بالبريد أو عن طريق المراسلين. تسلك هذه المعاملات مسارًا معقدًا يبدأ من دائرة إلى أخرى، وقد يضيع في زحمة السجلات، ويتأخر لشهور، خاصة إن تعلق بمصير إنسان ينتظر قرارًا أو موافقة. كان المواطن يلهث خلف معاملته بين المكاتب، ويتتبع أثرها في دفاتر يكاد يبلغ طولها المتر، في انتظار بصيص من الرد. أما اليوم، فقد تغير المشهد تمامًا.
تحوّلت المملكة العربية السعودية إلى نموذج ريادي في تقديم الخدمات الرقمية، واضعة المواطن والمقيم والزائر في قلب العملية. الحكومة السعودية، عبر رؤيتها الطموحة، نجحت في ربط الجهات الحكومية ببعضها، ودمج خدماتها مع القطاع الخاص والمجتمع، باستخدام أحدث تقنيات الإنترنت والشبكات الرقمية.
بضغطة زر، يستطيع المواطن اليوم أن ينجز معاملته، ويتابع حالتها، ويعرف ما تم اتخاذه من إجراءات، دون الحاجة إلى الحضور أو الانتظار. المعلومة أصبحت متاحة، والشفافية والسرعة أصبحتا سمة العمل الحكومي.
هذا الإنجاز لم يأتِ صدفة، بل هو نتيجة لرؤية استراتيجية وعمل دؤوب ضمن مسار التحول الرقمي الشامل الذي تقوده المملكة. وهو ما يجعلنا نقول وبكل فخر: تحية للسعودية العظمى على هذا التميز.
وفي المقابل، لا يسعنا إلا أن نُلقي نظرة حزينة على بعض الدول العربية، التي لا تزال تُفاخر بحضاراتها القديمة الممتدة لآلاف السنين، بينما تقف في مكانها، لم تخطُ خطوة جادة نحو المستقبل، ولا تزال السجلات الورقية تحكم مصير المواطن فيها.
د. علي السلامة
@tamimi3035
عضو جمعية إعلاميون