في عصرنا الحالي، أصبح بعض الآباء والأمهات يربطون نجاحهم في التربية بمدى راحة أبنائهم وعدم تعرضهم لأي مشقة، ظنّاً منهم أن الحماية الزائدة هي أسمى صور الحب. لكن الحقيقة هذا الأسلوب، وإن كان نابعًا من قلبٍ محب، قد يحرم الابن من أهم احتياجاته في الحياة، وينشأ معتمداً على والديه في كل شؤونه، فيعيش برفاهية مفرطة وحماية مبالغ فيها.
ومن خلال تعاملي مع الأطفال في مختلف فئات أعمارهم عبر ورش التدريب المتنوعة، أرى بعض الأسر تساعد الطفل في حمل حقيبته وأدواته. وخلال العمل نلاحظ الأطفال وقد تركوا بعض أغراضهم على الأرض، أو رَمَوا الأوساخ في انتظار من يساعدهم في رميها أو ترتيب أدواتهم.
مع الأسف، كم من طفل بلغ السادسة وما يزال أحد والديه يُلبسه ويطعمه ويحمل حقيبته ويحُل مشاكله، حتى صارت أبسط المهام بالنسبة له قمماً شاهقة لا يجرؤ على تسلّقها. فالغاية عند والديه أن يظل هادئاً، لا يبكي ولا يصرخ… لكن، أيّ تربية هذه التي تربي الجسد وتُهمل الروح والعزيمة؟
هل هذه هي التربية؟!
التربية الحقيقية ليست في إبعاد أبنائنا عن كل تعب، وحمايتهم وتوفير الرفاهية لهم، بل في إعدادهم لمواجهة الحياة بثقة واستقلالية. وتشجيعهم منذ الصغر على تحمّل المسؤولية، بدءاً من عنايته بنفسه، وارتداء ملابسه، وتناول طعامه، وترتيب أدواته، والاعتماد على نفسه في وقت مبكر.
فكل مهارة يتعلّمها اليوم هي خطوة نحو مستقبل أقوى غداً، وبناء شخصية مستقلة شامخة قادرة على تحمّل المسؤوليات والمهام دون الاعتماد على الآخرين.
أ. حصة القبلان
@h66227662
عضو جمعية إعلاميون