السيد الرئيس.. أكتب لك هذه الرسالة ليست تفويضا من الرأي العام السعودي ولكن بصفتي الشخصية ويقينا أكيدا أنها تمثل ما يدور في خواطر الشعب العظيم المحب للسلام.. مقدراً وداعماً ما تقوم حكومة بلادي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ومباشرة وبإشراف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تجاه قضايا المنطقة كافة والقضية الفلسطينية بالتحديد.
السيد الرئيس.. قضية فلسطين قضية أزلية في العالم، منطقة بعث الله منها الأنبياء والرسل لتعليم الإيمان والمحبة والسلام وللأسف الشديد تقف الولايات المتحدة الأمريكية أمام كل الخطوات التي اتخذها العالم ممثلة في الدول والمنظمات بما فيها منظمة الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية. وعد بلفور عام 1917 الذي أنشأ هذا الكيان الغاصب للأرض وحقوق سكانها في فلسطين خلق الأزمة. تبعه قرارات دولية كقرار التقسيم 181 عام 1947م وقراري مجلس الأمن 242 و338 التي كانت تعالج مشكلة الشرق الأوسط الأزلية بعد احتلال الدولة الناشئة لأراض عربية (لا تغيب هذه القرارات عن مكاتب الإدارات الأمريكية). ما يحصل اليوم لهذه القضية واستمرارها بالتوتر بالمنطقة يتم بدعم مباشر وغير مسبوق من الإدارات الأمريكية المتعاقبة بالوقوف ضد هذه القرارات وهذه المبادرات الدولية والعربية لإحلال السلام وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني.
السيد الرئيس.. الاستقرار للدول والشعوب هو أساس التنمية والتطور والازدهار لتكريس الموارد للتعليم والصحة والأبحاث والاختراعات التي تخدم الإنسانية والنهوض بهذه الشعوب لتتعايش فيما بينها بمحبة وسلام..
السيد الرئيس.. لم تصل بلادكم إلى هذه الدرجة من التحضر والعلم والنهضة وأن تكون أرض الأحلام دون أن يكون للإنسان فيها روافد من الأمن والاستقرار ومبادئ سامية لحقوق الفرد والمجتمع.
السيد الرئيس.. في فترة رئاستكم السابقة طُرِحت مبادرة صفقة القرن التي للأسف الشديد كانت تنظر للمشكلة الفلسطينية بنظرة أحادية الجانب لتحقيق أهداف إسرائيل مدعومة بمواقف الإدارة الأمريكية تدفعون بالدول الأخرى لتحمل تبعات أي خطوات من هذه الصفقة سواء كانت على حساب سيادة الدول أو تحملها تكاليف أية خطوة في هذه الصفقة رغم أنها لا تمثل جوهر المشكلة ولا حلها، نتفهم العامل الأمريكي بما يحقق لها الأمن والرخاء الاقتصادي لكن التصرفات الأمريكية بالذات بهذه القضية مثل صب الزيت على النار مثّل بادرة الإدارة الأمريكية بعهدكم الأول الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال رغم كل المواثيق والقوانين الدولية الرافضة لذلك (تقرير اللجنة الدولية المعينة من قبل حكومة الانتداب البريطانية بموافقة مجلس عصبة الأمم لتحديد حقوق ومطالب المسلمين واليهود بشأن حائط البراق/ الحائط الغربي في القدس.. (..عقدت اللجنة جلستها الختامية في باريس من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 1930م، حيث انتهت اللجنة بالإجماع إلى قرارها الذي استهلته بالفقرة التالية:
* «للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير». ونقلت سفارتكم إلى القدس..
السيد الرئيس.. هذه الخطوات لا تقدم أية آمال لتحقيق العدالة والسلام وفي ولايتكم الحالية كان العالم ينظر إلى بصيص أمل لإيجاد حل لهذه القضية تتحركون شرقا وغربا لإحلال السلام في مناطق التوترات لكن الشرق الأوسط وقضيته الأساسية تتلاشى عندها أي رغبة لتحقيق السلام في دولتين تعيش شعوبها والمنطقة بأمن وسلام وتكريس الجهود للرقي مثل كافة الأمم.
السيد الرئيس.. منذ 7 أكتوبر2023 اتخذت الإدارة الأمريكية مواقف أكثر بعداً عما هو مأمول منها لدعم السلام، نحن في القرن الواحد والعشرين يقف العالم أمام القوة الأمريكية باستغراب حين تتبنى مواقفها مواقف إسرائيل في حربها في غزة وتأييدها ودعمها لكل ما تقوم به الآلة العسكرية الإسرائيلية من إبادة جماعية وتطهير عرقي مدفوعة بالمواقف الأمريكية المؤيدة بل اتخذت الإدارة الأمريكية مواقف أكثر غرابة بتأييد تهجير سكان غزة واحتلال الضفة الغربية بل مساومة دول الجوار بقبول سكان غزة لاجئين لديها.
السيد الرئيس.. تسعى حكومة بلادي لإقرار سلام دائم وحل النزاع الأزلي بين إسرائيل وجيرانها من خلال الدبلوماسية السعودية في الأمم المتحدة وفي كل مجال لتأييد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين (تحظى هذه التحركات بقبول دولي) الذي يسهم بالتأكيد بتحقيق الأمن والسلام لكل شعوب المنطقة..
السيد الرئيس.. كانت لكم زيارة للمملكة في فترة رئاستكم الأولى والثانية كنتم فيها ضيفاً عزيزاً وسمعت الرغبة والأماني من قادة بلادي والقادة العرب بمواقف أمريكية أكثر عدالة للقضية الفلسطينية في ظل هذه الإيجابية العربية تطلعاتنا كشعوب المنطقة أن تعيد الإدارة الأمريكية تقييم هذه المصالح في مواقفها تجاه قضية الشرق الأوسط.
السيد الرئيس.. تدركون جيدا مدى التأثر داخل المجتمع الأمريكي الذي خلفته سياسة دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية على كافة المستويات من أعضاء المجالس التشريعية الأمريكية وفي الولايات المختلفة وأرقى الجامعات وطلاب وقادة مفكرين وممثلين وفي كافة شعوب العالم ضد ما تقوم به إسرائيل وجيشها من أعمال عسكرية تدميرية للإنسان قبل الأرض المباني وتجويع شعب غزة المغلوب على أمره يدرك العالم هذه المأساة ويتبجح رئيس الوزراء الإسرائيلي في إنكارها بدعم من إدارتكم هذه المواقف المؤيدة للحق الفلسطيني من شعوب العالم وحتى من داخل الشعب الأمريكي وبالذات من أطياف من الطائفة اليهودية المحبة للسلام تستند إلى حق الشعب الفلسطيني في دولة يستقر بها وتعاد له حقوقه المشروعة..
السيد الرئيس.. نتفهم أن المصالح هي من تقود المواقف الأمريكية لكن العدالة في القضية وحقوق الشعوب بتقرير مصيرها لابد أن تدركه الإدارات الأمريكية.
السيد الرئيس.. إن تحركات بلادي الدبلوماسية ترسم الخطة وترسم الطريق الصحيح للسلام في الشرق الأوسط، هذه الرغبات والمجهودات أملنا أن تجد من الإدارة الأمريكية التي تحول مواقفها دون الوصول إلى أهداف مساعينا النبيلة في سلام واستقرار مدعوم بقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام والتوجه العالمي للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.. إن للسلام ثمن وللحروب أثمان.. أصوات السلام في كل مكان عالية لكن أصوات البنادق وآلة الحرب الإسرائيلية تعلوها.. اليوم يقدم مشروع سلام يقوم على مبدأ حسن جوار وعلاقات ودية وتبادل تجاري، خلق بيئة بالمنطقة تقودها إلى الازدهار لكن غداً قد تصبح هذه أحلام من الماضي ما لم تقدّر وتُدّعم هذه الخطوات الإيجابية الحالية لتحقيق السلام.. والسلام ختام.
السفير م. دهام الدهام
عضو جمعية إعلاميون