مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

راحة بالك.. أثمن ما تملك؟

في عالم يمتلئ بالوجوه الزائفة والمواقف المتقلبة ،يبقى قلبك هو الوطن الحقيقي الذي لا يخذلك.
كثيرون يظنون أن القرابة أو القرب الجسدي دليل على المحبة والوفاء، لكن الحقيقة أكثر عمقًا. كم من قريبٍ كان الأشد إيذاءً، وكم من بعيدٍ كان الأصدق قلبًا، والأوفى عهدًا.
المعيار الحقيقي ليس الدم ولا المسافة بل صدق الموقف، دفء الفعل، ونقاء النية حتى لو جاءك من غريب، لا يجمعك به سوى إنسانيته.
اترك بصمت كل ما يوجعك أو يغضبك أو يعكّر صفوك، سواء كان إنسانًا، شعورًا، مكانًا، أو شيئًا ماديًا.
سلام قلبك ليس رفاهية، بل هو كنز حياتك الأثمن، والتمسك بما يؤذيك هو الخسارة الكبرى مهما بدا مهمًا أو ثمينًا.
احذر من الذين لا يظهرون إلا عند مصالحهم، أو يقرّبون عدوك ويقصونك، فهؤلاء أثقل القلوب ضررًا وأسوأ البشر أثرًا، لا تسمح لهم بأن يسرقوا هدوءك مرتين: مرة حين خذلوك، ومرة حين ظللت تفكر فيهم.
ولا تشغل قلبك بتتبع من يحبك ومن لا يحبك فالمحبة الحقيقية تُقاس بالفعل لا بالكلام ،بالسؤال لا بالتجاهل، وبالوقوف إلى جانبك لا بالانسحاب عند أول اختبار.
تمسّك بمن يحنّ عليك ويدعمك ويؤازرك ،حتى لو كان شخصًا واحدًا فقط فهؤلاء القلّة يكفون ليضيئوا لك الطريق في أشد العتمات.
تذكّر أن كل خياراتك الكبرى في الحياة – زواجك، عملك، سفرك، إنجابك، حتى لحظاتك البسيطة كتسوقك أو تمرينك الرياضي — غايتها راحة بالك وسعادتك، فلا تجعل قراراتك رهينة مزاج الآخرين أو أحكامهم.
ومن أهم أبواب السلام الداخلي أن تخسر الناس لأجل راحتك، لا أن تخسر راحتك لأجل الناس.
لا تُصافح إنسانًا كان الأجدر أن تُصفعه معنويًا بكرامتك، لا تمنح احترامك لمن أهان قلبك، ولا ولاءك لمن استبدلك عند أول فرصة.
ضع في حياتك ثلاث ركائز ثابتة لا تهتز: علاقتك بربك فهي منبع قوتك وطمأنينتك، علاقتك بأهلك ومن تعولهم، فهم ملاذك الحقيقي، ووفاؤك ووفاءك لمن يحبك بصدق. واحذر أن تهضم حقوق الناس ،مادية كانت أو معنوية أو نفسية، فهذه الحقوق تلاحقك حتى لو نسيها العالم.
القوة ليست في كثرة الوجوه حولك، ولا النجاح في التصفيق العابر، بل القوة أن تعرف متى تمضي ،وألا تفرّط بسلامك الداخلي مهما كلّفك الأمر.
ارتقِ بنفسك، احمِها من تقلب مزاج الآخرين، وصُنها من الانكسارات الصغيرة التي يزرعها الغافلون.
راحتك وسعادتك بيدك أنت وليست في يد أي شخص آخر، ضع قلبك حيث يُصان، وامنحه السلام الذي يستحقه.
فحياتك تُعاش مرة واحدة فلا تهدرها على من لا يعرف ثمنها.

 

أ. سعيد الأحمري
‏@Historian2080
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop