من كل عام ياتي الخامس من أكتوبر، ليقف العالم إجلالاً لقامةٍ لا تشبه سواها، ولروحٍ أنارت دروب الإنسانية، ولرسالةٍ هي الأسمى بين الرسالات… إنه المعلم.
إن المعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو المهندس الأول للعقول، وصانع الأجيال التي تُشيّد حضارة الأمس واليوم والغد. إنه الذي يزرع الكلمة الأولى في أرضٍ بكر، لتثمر وعياً وفكراً وإبداعاً، يغيّر وجه الحياة.
إننا نجد في كل تلميذٍ ناجح بصمة معلم، وفي كل إنجازٍ وطني ظلّ معلمٍ لم يُذكر اسمه، لكنه ترك أثره في كل قلبٍ وقصةٍ وإنجاز.
نعم هو الجندي المجهول في معركة التنوير والصعود، يحمل طباشيره كسلاح، ودفتره كخريطة طريق يستدل بها ، وعقله كمنارة تُهدي الحائرين إلى وجهتهم .
كم من معلمٍ تجاوز التعب ليصنع ابتسامة، وكم من معلمةٍ خبأت وجعها لتقول لتلميذتها “أحسنتِ”، فتنبت تلك الكلمة جناحين من ثقة وطموح.
المعلم هو الذي يكتب فصول المستقبل من خلف الكواليس، دون تصفيقٍ أو أضواء، مؤمناً بأن الرسالة أعظم من المكافأة، وأن العطاء لا يُقاس بالتصفيق، بل بالأثر الذي يبقى طويلاً بعد أن يغيب الصوت.
وفي زمنٍ تتغير فيه الأدوات تمامًا وتتسارع التقنيات، يبقى المعلم هو الثابت في معادلة التطور، لأن كل خوارزمية تبدأ من فكرة، وكل فكرة من عقلٍ تربّى على يد معلمٍ مخلص.
فما أعظم أن يُكرم من علّم، وما أنبل أن يُذكر من وهب العلم دون أن ينتظر الثناء.
إلى كل معلمٍ حمل رسالة النور في زمن الظلال، إلى كل معلمةٍ جعلت من السبورة فضاءً من الحلم، إليكم الحب أولاً، والامتنان أبداً، والوفاء دائماً.
أنتم من علّمنا كيف تُصاغ الكلمة، وكيف تُزرع القيم، وكيف يُكتب المجد بخطٍ من طباشير واقلامًا لاتمحى احبارها. وأنتم من يستحق في هذا اليوم أن يُقال له: “شكرًا… لأنكم أنتم البداية، وأنتم الحكاية، وأنتم الدرس الذي لا يُنسى”.
أ. صالحة الحربي
@salha0987
عضو جمعية إعلاميون