في أعماق النفس الإنسانية يكمن مسرح لا يشبهه أي مسرح آخر حيث تتشابك خيوط الضوء والظلام في رقصة أزلية هناك حيث تتعانق الأفكار المتناقضة يشتعل صراع لا ينتهي بين الحلم والواقع بين الأمل والخوف، وبين السكينة والعاصفة.

في زاوية خفية من الروح يجلس صوت العقل عاقلًا صارمًا يرتدي عباءة الحكمة، ويمسك بميزان لا يميل ينادي بالصواب يزن الخيارات ويتساءل عن العواقب لكن هناك في الطرف الآخر من المسرح يرقص القلب بحرية جامحًا لا يعرف القيود ينبض بالشغف ويُحلق في فضاء الرغبات بلا خريطة ولا وجهة.

تبدأ الأفكار في التسلل ببطء بعضها كنسمة خفيفة تُداعب الروح وأخرى كعاصفة تقتلع كل يقين أحيانًا تشعر أن العقل والقلب قد تصالحا لكن سرعان ما يُشعل خلاف جديد بينهما الفكرة الأولى تقول: كن كما يريدك العالم اتبع قواعده لتنجو أما الفكرة الأخرى فتصرخ: كن كما تريد أنت اتمرّد على كل شيء حتى نفسك

وفي تلك الزوايا المظلمة تعيش خبايا لا يفصح عنها الإنسان حتى لنفسه هناك تكمن المخاوف القديمة التي لم تُدفن بعد والأحلام التي لم تُزهر والندم الذي يحاول الاختباء وراء قناع من القوة
كيف تُواجه خباياك حين تنظر في المرآة؟ كيف تتعامل مع ذلك الصوت الذي يهمس في أذنك: “هل أنت كما تدّعي؟ أم أنك وجه آخر في هذا المسرح العبثي؟”

لكن وسط هذا الصخب يُولد الإبداع من رحم التناقضات تنبت الأفكار كزهور برية في أرض قاحلة ربما لن تُحلّ كل التناقضات ولن تُفهم كل الخبايا لكن الإنسان يستمر في السير. يُخطئ يُصيب، يسقط، ثم ينهض من جديد حاملاً في أعماقه ذلك الصراع الأزلي الذي يجعل من كل خطوة على الأرض عملاً من أعمال المقاومة ومن كل حلم نقطة ضوء تُنير العتمة.

النفس بما تحمله من تناقضات وخبايا هي أعظم لغز وأجمل مأساة.

أ.هناء الخويلدي
‏@Hana69330082
عضو جمعية إعلاميون