مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

مركز المناصحة… الإنسان أولاً

في قلب المعادلة السعودية لمكافحة الفكر المنحرف لم يكن الانتصار مجرد نصرٍ أمني، بل نصرٌ إنساني وفكري.
فقد آمنت المملكة منذ تأسيسها أن الإنسان ليس خصمًا حتى وهو مخطئ، وأن الانحراف لا يُعالج بالردع وحده بل بالاحتواء والتنوير.
من هذا الإيمان العميق وُلدت تجربة مركز المناصحة والرعاية ،التجربة السعودية الفريدة التي جعلت من “الإصلاح الفكري” مدرسة عالمية في إدارة الوعي وحماية الإنسان من فكره قبل أن تحمي المجتمع منه.
من يقترب من فلسفة هذا المركز يدرك أن المملكة لا تتعامل مع الفكر المتطرف كمجرد خطرٍ أمني، بل كجرحٍ إنساني يحتاج إلى رعاية.
هنا، لا يُقابل المنحرف بالعقوبة أولًابل بالحوار، ولا يُسأل عن ماضيه بقدر ما يُسأل عن مستقبله.
في قاعات المناصحة تُفتح النوافذ للعقل كي يتنفس وتُغسل القلوب من شوائب الكراهية، ويُعاد بناء الإنسان من الداخل خطوةً بخطوة، حتى يعود للحياة نظيف الفكرة وسليم القلب.
ولأن القيادة السعودية آمنت أن الرحمة سياسة قبل أن تكون خُلقًا، جاءت هذه الرؤية امتدادًا لمواقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – الذي لطالما وجّه بالعناية بالنزلاء والموقوفين ومعاملتهم بما يصون كرامتهم الإنسانية، مؤكدًا أن “أبناءنا قد يخطئون لكن واجبنا أن نُعيدهم إلى الطريق لا أن نكسرهم.”
وهي ذات الفلسفة التي تبناها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – حين جعل من “الإنسان أولاً” عنوانًا لبرامج التحول الوطني، مؤكدًا أن الدولة القوية هي التي تُصلح قبل أن تُعاقب ،وتُعيد بناء الوعي قبل أن ترفع السلاح.
تحت مظلة هذه الرؤية تحوّل مركز المناصحة إلى نموذج وطني في الرحمة المنظمة ،يجمع بين العلم والدين وبين الحوار والاحتواء ،ويُعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس الثقة والرعاية.
فمن داخله خرج المئات ممن استعادوا توازنهم الفكري وعادوا إلى المجتمع كأفراد صالحين منتجين، بعضهم اليوم يسهم في التوعية ضد الفكر ذاته الذي كاد يبتلعهم بالأمس.
ولم تقف رعاية المركز عند حدود الأسوار، بل امتدت إلى ما بعد الإفراج عبر برنامج “الرعاية اللاحقة” برنامج إنساني متكامل يُتابع النزيل بعد خروجه معنويًا وماديًا وصحيًا ويشمل أسرته كذلك.
فمن خلال هذا البرنامج تُقدَّم المساعدات المالية والاستشارات الاجتماعية والنفسية، وتُفتح خطوط تواصل مباشرة عبر خط ساخن يتيح للنزيل وأسرته الدعم المستمر والتوجيه في أي وقت.
إنها رعاية تتجاوز الفعل الأمني إلى الإحسان الإنساني وتجعل من الدولة شريكًا في رحلة التعافي، لا مجرد جهة عقابية.
لقد أثبت مركز المناصحة أن هذه البلاد لا تكتفي بحماية حدودها من الأعداء ،بل تحمي عقول أبنائها من الانزلاق، وتُعيد صياغة الأمن بمقاييس الرحمة والكرامة.
إنه أمن بفلسفة الإنسان ورعاية تنطلق من عقيدة الدولة الراسخة بأن الكرامة الإنسانية لا تُسقطها الأخطاء.
وحين ننظر إلى الصورة الكاملة نُدرك أن المملكة لا تحارب التطرف لتُطفئ نار الخطر فقط ،بل لتُعيد إشعال نور العقل في القلوب التي أظلمت.
وفي هذا النور تتجلى قيم القيادة السعودية:
أن الوطن ليس منفى لأبنائه بل حضنٌ يُعيدهم مهما ابتعدوا.

 

أ. سعيد الاحمري
‏@Historian2080
عضو جمعية إعلاميون

 

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop