15/8/2022
وصلتني الكثير من الردود بخصوص سلسلة مقالات المعضلات الأخلاقية وبالأخص آخر مقالين “بين نارين” و”فاجرة أم طاهرة”. وقد تفاوتت آراء القرّاء بين مؤيد ومعارض للخيارات المطروحة، واعترض الكثير على إعطاء خيارين فقط لا ثالث لهما مما يعكس الحيرة التي عاشها القارئ وحسن تقديره لخطورة الموضوع وإحساسه بالمسؤولية وفهمه لعواقب اتخاذ أي قرار. ما لفت انتباهي أن بعض الأشخاص كان اختيارهم لأحد الخيارين سهلاً وسريعًا ولا حيرة فيه! شخصيًا، لا مشكلة لدي أن يختار الشخص أحد الخيارات المطروحة أو يقترح حلاً آخر، لكن أستغرب أن يختار أن يجهض الجنين المحتمل أن يكون منغوليًا أو أن يكمل الحمل بدون أدنى تفكير! أما بخصوص قصة الفتاة فأتفهم أن يخبر الخاطب أنها طاهرة بحسن نية أو أن يكون محايدًا، لكن أن يقرر أن يخبره أنها فاجرة بدون أن يتأنى ويأخذ وقته في التفكير فذلك غريب جدًا!
أسعدتني بعض الردود التي تنم عن حس بالمسؤولية شديد، سمو أخلاق وإنسانية عالية تشعرك أن الحياة ما زالت بخير. كأن يتحدث أحدهم عن مدى قبح سوء الظن مهما كانت المؤشرات واضحة وتأثيره على الفرد والمجتمع. أيضًا استنكار الكثير لاستخدام وصف “فاجرة” واشمئزازهم منه وكأن لسان حالهم يقول إن ذلك الوصف أسوأ من أن يستخدم أو يطلق على أحد بسهولة.
أسعدني أيضاً أن عاش أغلب قرائي المشكلة بتفاصيلها وشعروا بصعوبة اتخاذ أي قرار لما يترتب عليه من انتهاك لبعض القيم الأخلاقية. لقد استخدمنا في قصصنا السابقة الوعي لاختبار اللا وعي وما تكنه أنفسنا من خفايا وكان الهدف الأساسي هو التعرف على المعيار الأخلاقي لدينا. يصنف الوعي لأربعة أقسام، العفوي التلقائي والذي لا يحتاج لمجهود ذهني، التأملي ويتطلب حضورًا ذهنيًا وذاكرةً وذكاءً، الحدسي الذي يجعل الشخص مدركًا للمعرفة دون القدرة على الاستدلال وآخر نوع وهو ضالتنا، المعياري الأخلاقي وهو الذي يدفع الشخص لإصدار الأحكام على السلوكيات ورفضها أو قبولها بناءً على قناعاته وقيمه الأخلاقية ومدى إحساسه بالمسؤولية. ويتضح في بعض الردود نوع الوعي عند القارئ.
وهنا أود أن أشارككم ببعض الردود:
“الظن وعدم اليقين في أمور لا يجوز فيها إلا اليقين المطلق”، “الفجور مرتبط بالمجاهرة بالمعصية، وفي القصة شك بدون بينة”،
“التلاعب بالألفاظ والتمني بالظنون وهم عند الكاتبة كالذي يموت وسط البار ويصفق له الجميع لأنه كان هناك للنصيحة”،
“الفتاة تعرف نفسها إذا كانت فاجرةً أو طاهرةً لا يعتمد على حكم الآخرين”،
“أنصح زميلي المتزن أن يبتعد وخلاص بدون ذكر الأسباب”،
“اختيار الزوج والزوجة لا يعني مستقبلك وحدك وإنما مستقبل أفراد سيكونون ثمرة هذا الزواج”، “تحسس أحوال الشريك المستقبلي من الأمور المطلوبة اجتماعيًا وشرعيًا لكن يجب التثبت قبل نقل أي معلومة”، “لسنا منزهين ولا ملائكة ولكل منا أخطاء وهنالك من يصر عليها وذاك لا يستحق الستر”.