25/11/2021
انتهت رحلتنا لأرض المرجان، جازان، وحان وقت الانطلاق لمغامرات جديدة والتي ستكون هذه المرة شرقًا وعلى ضفاف الخليج العربي. أول مكان قمنا بزيارته بعد وصولنا مباشرة هو ذلك المركز الذي صمم على هيئة صخور ضخمة تعانق السماء وهو مركز الملك عبدالعزيز الثقافي (إثراء). توجهنا لمتحف إثراء الغني والمتنوع وكان في قلب المتحف رائعة النحات الإيطالي جيوسيبي بينوني “نبع الضياء” بارتفاع 92 قدمًا وتمثّل الطاقة البشرية المتجددة والنابضة بالحياة، وترمز إلى بداية اكتشاف النفط بكميات تجارية في المملكة، أيضاً تعكس فلسفة المركز في التطوير والمعرفة والحوار بين الحضارات. ثم أخذنا جولة في أقسام المركز العديدة والتي تتضمن مختلف فنون العلوم والمعرفة. كان من حسن حظنا أن يترافق وجودنا مع انطلاق بعض العروض الموسيقية والبهلوانية لفرق عالمية في حديقة إثراء. استمتعت كثيراً في دورة فن تشكيل الصلصال الاحترافية التي حضرتها.
بعد مركز إثراء الرائع توجهنا لشاطئ نصف القمر في الخبر وذهبنا في رحلة بحرية على متن أحد القوارب السريعة لنعود ونخيّم بجانب البحر وتحت السماء الواسعة المرصّعة بالنجوم.
في اليوم التالي انطلقنا لواحدة من أكبر واحات العالم والتي تحتوي على (2.5) مليون نخلة وقد وصفها الرسول الكريم بأنها أرض نخل. واحة الأحساء هي واحدة من أقدم وأكبر الواحات في العالم وقد أدرج اسمها في لائحة اليونسكو للمواقع التراثية العالمية، كما دخلت أيضاً في موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر واحة نخيل قائمة بذاتها في العالم. وقد عشق أهل الأحساء النخلة ودلّلوها فكان إنتاجها من التمور من أطيب ما يمكن أن تتذوقه. بجانب مزارعها الكثيرة والبديعة، تحتوي الأحساء على مواقع سياحية وتراثية كثيرة. أتذكر زيارتي لجبل قارة في طفولتي ولم أنسَ جماله وهيبته التي حفرت في ذاكرتي منذ ذلك الوقت حتى زيارتي له مرة أخرى مؤخراً بعد أن انتعش وازدحم بالسياح. عندما وصلت، شعرت به يضمني ويعاتبني لانقطاعي عنه كل تلك المدة. ركضت باحثةً عن الصخرة الضخمة المعلقة في جوفه وكانت لا تزال هناك ولا تزال معلقةً بشكل مذهل وكأنها تنتظر قدومي. ثم صعدت أعلى الجبل لأرى أجمل إطلالة بانورامية على واحة النخيل الشاسعة.
بعد جبل قارة توجهنا لقصر إبراهيم الأثري وهو قلعة ضخمة تعكس الطراز المعماري العسكري. بناها العثمانيون كحصن عند استيلائهم على بعض الأراضي السعودية حتى تمكن الملك عبدالعزيز سنة 1913 من اقتحام الحصن والسيطرة عليه.
أي زائر للأحساء لابد له من زيارة متحفها وقريتها الأثرية التي يقدّم فيها الشعراء والفنانون كل حين عروضًا من تراث المنطقة. لابد له أيضاً من زيارة مسجد جواثا، ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة بعد مسجد الرسول. ويستطيع أن يختتم رحلته في شاطئ وميناء العقير العريق في تاريخه والمتميز بنظافته وجماله.
الناشر: صحيفة اليوم