22/7/2023
ميدان العلاقات والاتصال والإعلام قضيت فيه كل حياتي العملية التي استمرت بتوفيق الله لأكثر من ثلاثة عقود.
لست والله هنا مادحًا بل ناقلا لحقيقة عشتها وتعاملت معها، لقد وجدت في قطاع الدفاع المدني بيئة عمل محفزة من توفر الإمكانات والتجهيزات والكوادر المختصة والمؤهلة والخطط والدعم والمؤازرة من مديري القطاع ووجدت العنصر الفاعل والمهم وهو إيمانهم جميعًا بدور الإعلام المهم والمحوري وأن العلاقة مع الإعلام ورجاله علاقة تكاملية يسودها الاحترام ،وتؤمن بالمصالح المشتركة ومعرفة طبيعة عمل الإعلام وطبيعة عمل القطاع.
هذه الركيزة جعلت عملنا الإعلامي أكثر نضجًا وأكثر انضباطًا وأبعد ما يكون عن العلاقات المتشنجة التي تَغَلَّبَ المصالح الضيقة على المصلحة العامة.
وتدرجت هذه التجربة الخلاقة مع وسائل الإعلام والآخر بكل مكوناته وتم تعزيزها بمزيد من تدريب وتأهيل كوادره وتوفير ما يحتاجونه من إمكانات ومزيدا من الانفتاح على وسائل الإعلام من خلال الزيارات المتبادلة والحوارات الشفافة المشتركة ومن خلال ندوات لرجال الإعلام وَالْفِكْرِ وَالْكُتَّابِ تعقد على هامش مؤتمرات الدفاع المدني السنوية المستمرة من عام 1403 هجري وحتى الآن وَكُنَّا نَدْعُو لَهَا وَنَخْتَارُ رَئِيسًا لَهَا مِمَّنْ يَنْتَقِدُ الدفاع المدني ونترك له حرية إختيار محاورها وضيوفها ،وسقف الحوار فيها شفاف وصريح
وتم تعزيزها أيضًا بالتفاعل السريع والرصد والرد على ما يطرح في وسائل الإعلام والمشاركة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية والصحفية من خلال المختصين من رجالات الدفاع المدني.
وكان لدى قيادات القطاع المختلفة قناعة وإيمان أن ما يطرح في وسائل الإعلام نقد بناء يجب أن نستجيب ونستفيد منه ونعالجه أو أن هناك لبسا يجب إيضاحه ورغم قسوة بعض الانتقادات وعدم دقتها فلم نكن ننزعج منها بل نتعامل معها ونفندها ونوضح ما غاب عن كاتبها أو قائلها وينتهي بنا المطاف عند أنه أختلاف في وجهات النظر لا يفسد علاقتنا بالإعلام ورجاله.
والحقيقة التي يجب أن تذكر وتشكر أن مقام وزارة الداخلية طوال فترة عملي كانت داعمًا ومؤازرا لهذا التوجه ومعززة لهذه المبادئ وتؤكد دوما أنه من حق المواطن أن يحتفى برأيه ومقترحه ونقده ويشكر عليه أن كان صائبا وإن لم يكن يتم تصحيح تلك الآراء والأطروحات غير الدقيقة لقائلها أو كاتبها وللرأي العام.
وهو توجه وتوجيه حكومتنا الرشيدة (أيدها الله) التي سعت دوما على إصدار المراسيم الملكية وتحديثها بما يخدم سياستها في علاقة المواطن بالأجهزة الحكومية وبما ينشر في وسائل الإعلام والتي تؤكد على أنه يجب الرد السريع على ما يطرح في وسائل الإعلام من أخبار ومعلومات وتساؤلات تهم الشأن العام بل ذهبت هذه المراسيم الملكية
إلى التوجيه بتفعيل إدارات العلاقات والإعلام في الوزارات والجهات الحكومية لتقوم بالدور المأمول منها كما دعمت هذا التوجه الكريم بضرورة أن تقوم الوزارات بفتح قنوات للتعاون مع وسائل الإعلام وبناء علاقات بنائه تعزز وتحافظ على المصالح الوطنية العليا، وذلك من خلال الرد السريع على ما ينشر مع مراعاة الدقة والوضوح، ولم تكتف دولتنا (أيدها الله) بذلك بل عززته بالتوجيه بتعيين متحدثين رسميين في المقرات الرئيسية بالوزارات وتكون مهمتهم الأساسية
إحاطة وسائل الإعلام بما لدى جهته من بيانات ومعلومات والتجاوب مع ما يرد لهم من تساؤلات.
هذه المبادئ السامية الشفافة والواضحة تهدف إلى الحد بل قتل الإشاعات في مهدها وعدم اعتماد الناس على معلومات غير دقيقة وغير صحيحة في ظل عدم توفر المعلومة من المصادر الموثوقة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مدى تفاعل إدارات الاتصال المؤسسي والإعلام ووعيها بهذه الأدوار المناطة بها.. هل تعمل بها هل تأخذ بها ،هل المسؤولين عن هذه الإدارات يتابعون عملها ،هَلْ يَطَّلِعُونَ على التقارير الإعلامية اليومية التي ترصد ما يطرح في وسائل الإعلام ويوجهون تلك الجهات بالرد وإيضاح الحقائق الغائبة عن الرأي العام والتي تتيح الفرص للمتربصين والحاقدين للنيل من هذا الوطن المعطاء وعلى ما يعيشه من نهضة وتطور وازدهار جعل العالم يقف له اِحْتِرَام وتقدير.
للأسف أن بعض هذه الإدارات غلبت جوانب المراسم على جوانب العلاقات والإعلام وَأَصْبَحَ جُلُّ اِهْتِمَامِهَا تنظيم المناسبات والاجتماعات وهذا خطأ مهني وغير احترافي لمن وقع فيه. فأصبحنا لا نرى من بعضهن الإدارت أي تفاعل أو إهتمام بما يطرح وينشر في وسائل الإعلام وأن جاك رد بعد مضي وقت طويل من بعضها فهو ردًا مقولبا محفوظًا يتكرر بذات الصيغة على كل طرح حتى لو اختلفت الموضوعات مثلا (شكرا لاهتمامك تم تحويله للجهة المختصة) هل يتابع ويعلن أبدا وأن تم فهو قليل جدا. الأدهى أن بعضهم حتى وإن من اشركت حساباتهم في التغريدة فهم لن يردوا وإن ردوا
فالرد يأتيك مع بداية الدوام لا يوجد لدى بعضهم إدارات محترفة لحساباتهم فبعضهم غير متواجدين على مدار الساعة أو كما يقال 24على 7 وهذه الاحترافية والمهنية من لا يستطيع العمل بها فمن الأفضل له إقفال حساباته.
أرجو أن تكون هناك محاسبة لمثل هذه الإدارات التي تتجاهل دورها المحوري والأساسي بجماهيرها الخارجية وبالرأي العام وما يشغل الشأن العام، وتلتهي بجوانب ليست ذات أهمية ونحن هنا لا ننادي بعدم قيامها بدورها في تنظيم المناسبات والفعاليات وحتى الاجتماعات ولكننا ننادي بدور متوازن وعادل بين مهامها وفق الأولويات والاهتمامات.
وفي الختام وليس مرد ذلك أنني أحد منسوبيها الذي يتشرف بذلك أسجل للتاريخ أن وزارة الداخلية ورغم حساسية عملها وتأثير التعاطي الإعلامي على بعض قضاياها المنظورة إلا أنها من أول الوزارة التي عينت متحدثين إعلاميين قبل صدور الأمر السامي بالوزارة وبقطاعاتها الأمنية ولديها انفتاح وعلاقات بنائه مع كافة وسائل الإعلام ولعلها من الوزارات القليلة التي لديها الشجاعة للاعتراف بأخطاء منسوبيها والاعتذار عنها ومحاسبة المقصرين والإعلان عن ذلك
ولديها إدارات اتصال مؤسسي وإعلامي مهنية وحية ونابهة وتتفاعل مع كافة قضايا المجتمع ومسارعة ومبادرة للتعاون مع وسائل الإعلام وما ينشر فيها.
وكلمة حق في مديري الدفاع المدني الذين تشرفت بالعمل معهم وهم أصحاب المعالي (الفريق هاشم عبد الرحمن والفريق محمد السحيلي (رحمهما الله)والفريق سعد التويجري والفريق سليمان العمرو ) كانوا جميعا عونًا لإدارات العلاقات والإعلام بالدفاع المدني ومؤمنين بدورها ودور الإعلام وحق المواطن في التفاعل مع أماله وأطروحاته حول أعمال ومهام القطاع المتنوعة.
اللواء م. عبد الله ثابت العرابي الحارثي
عضو جمعية إعلاميون