في ظل التحولات التنموية الشاملة التي تشهدها المملكة العربية السعودية تبرز التنمية المستدامة كركيزة أساسية ضمن رؤية المملكة 2030، والتي لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب بل تمتد لتشمل الأبعاد الاجتماعية والبيئية في سبيل بناء مستقبل مزدهر للأجيال الحالية والقادمة.

لقد وضعت الرؤية الطموحة أهدافًا واضحة لتعزيز جودة الحياة، وتحقيق التوازن بين التنمية وحماية الموارد، مما انعكس في مبادرات ومشاريع ضخمة تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية وتوسيع رقعة المساحات الخضراء وتحفيز استخدام الطاقة المتجددة، وتطوير البنية التحتية بما يتماشى مع أفضل معايير الاستدامة.

وفي هذا الإطار تكتسب المسؤولية الاجتماعية دورًا محوريًا إذ لم تعد ترفًا أو خيارًا إضافيًا بل أصبحت التزامًا وطنيًا يعكس وعي المجتمع ويُجسّد روح المواطنة الحقيقية من خلال المبادرات التطوعية ودعم القطاعات غير الربحية والمشاركة في التنمية المحلية بات المواطن والمقيم جزءًا فاعلًا في تحقيق الأهداف الكبرى للرؤية.

وقد شهدت ثقافة العمل التطوعي نموًا لافتًا خلال الأعوام الأخيرة تجلّى ذلك في الأرقام الرسمية التي أعلنتها الجهات المختصة حيث تجاوز عدد المتطوعين في المملكة خلال عام 2024 أكثر من مليون متطوع، فيما ارتفع هذا الرقم في عام 2025، موزّعين على مختلف المجالات الإنسانية والاجتماعية والبيئية.

هذا النمو لم يكن وليد الصدفة بل هو نتيجة لبيئة داعمة وممكنة وفّرتها الدولة من خلال منصة العمل التطوعي وتطوير التشريعات وإشراك القطاعين العام والخاص في دعم المبادرات المجتمعية كما ساهمت الجامعات والمدارس والجهات الإعلامية بدور مهم في نشر ثقافة التطوع وتعزيز الإحساس بالمسؤولية الجماعية.

اليوم ونحن نخطو بثبات نحو عام 2030 فإن التنمية المستدامة لم تعد شعارًا تنظيريًا، بل ممارسة يومية تتجسد في المشاريع، والقرارات، وسلوك الأفراد ويبقى الرهان الأكبر على استمرار هذا الزخم المجتمعي وتعزيز دور الفرد كشريك حقيقي في رسم ملامح وطنه، وصناعة مستقبله.

أ. خالد الجبر
‏@khal3daljbr
عضو جمعية إعلاميون