صباح يوم الجمعة بدأت القوات الجوية الإسرائيلية هجمات ضد منشئات نووية إيرانية ومواقع أخرى مهمة استراتيجياً متزامنة مع ضربات أخرى نفذها عملاء الموساد في الداخل الإيراني. على هامش الهجوم تمت تصفية عدد من القيادات الإيرانية العسكرية والعلماء الكبار المختصين في تطوير القدرات النووية وبرنامج الصواريخ الباليستية، أبرزهم قيادات الحرس الثوري وقيادات من رئاسة الأركان. وهناك أحاديث تدور على تصفية قيادات أخرى أكثر أهمية وستكشف الساعات القادمة عن أمور كثيرة بشكل أوضح.
لم يكن الهجوم مفاجئاً للمتابعين للمشهد، بل متوقع ومنتظر وحتى تاريخ الهجوم كان متوقعاً للمتتبعين فإسرائيل كانت تنتظر نهاية الستين يوم التي حددها ترمب لإيران، كي تحدد خيارها لمتابعة المفاوضات والاجتماع المقرر كان غداً الأحد.
أميركا لديها وزير دفاع محل جدل ومثار تساؤل من حيث جديته وخبرته وتعيينه محل خلاف وكان ينتظر فرصته لكي يثبت قوته وحزمه. المشهد واضح، نحن في العام 2025 وهو الموعد الذي يمكن لإيران خلال أسابيع امتلاك القنبلة النووية. أميركا وإسرائيل وكثير من دول المنطقة تحاول علنا منع إيران من امتلاك هذا السلاح أو تطوير برنامج الصواريخ الباليستية.
إيران تتصرف كميليشا وليس كدولة راشدة، ولا تحضى بثقة المجتمع الدولي ومعروف عنها المراوغة والتحايل على العقوبات، كما تدعم ايران الميليشيات الإرهابية والمنظمات الإجرامية والمصنفة دولياً بهذا التصنيف مثل حزب الله والحوثي في اليمن، واذرعتهم الأخرى في العراق، ولا يخفى الدور التخريبي في سوريا، وإثارة القتال البيني في سوريا وتحريك رجالهم هناك من أجل افشال عودة سوريا للحياة وتعكير الجو في الداخل السوري.
دعم إيران لمنظمة حماس الإرهابية والتدخل في شؤون الدول الداخلية والمصير الكثير والهجوم على إسرائيل اثناء ما يسمى طوفان الأقصى عن طريق عملاؤهم من حماس.
كل ما ذكر سابقاً، إضافة إلى عدم جدية إيران في إيقاف تخصيب اليورانيوم وعسكرة البرنامج النووي، أدت إلى الضربات الإسرائيلية فجر اليوم.
برأيي أن كل هذا المشهد رسالة أمريكية واضحة للضغط على نظام المرشد الخامنئي، لينفذ قرارات المجتمع الدولي بشأن البرنامج النووي، وأن يكون مخصصاً للأغراض السلمية والمدنية، وإيقاف تطوير برنامج الصواريخ الباليستية.
إسرائيل كانت سعيدة بنقل هذه الرسالة التي كانت حروفها الصواريخ والقنابل. ترمب صرح وقت القصف أن القادم أسوء في حال عدم إذعان إيران وبالطبع يقصد أن المرحلة القادمة ستكون ليست ضربات موجعة فقط، بل ستكون اقتلاع النظام من جذوره، وتغيير نظام الملالي الحاكم بنظام آخر يؤمن بالسلام ولا يتدخل في دول الجوار ولا يحلم بالحصول على القنبلة النووية.
اعتقد جازماً أن الرد الإيراني سيكون محدوداً وضعيفاً، فقط لرفع الحرج وللمحافظة قدر الإمكان على هيبة النظام أمام الشعب الإيراني، ولن يكون هناك ضحايا بشرية إسرائيلية بأعداد كبيرة وإنما لذر الرماد في العيون.
أيضاً برأيي أن العقلاء (إن وجدوا)، من الساسة في النظام الإيراني، سيتنادون إلى اجتماع عاجل لدراسة الرسالة الأمريكية من جميع جوانبها، والكرة في الملعب الإيراني حاليا.
السؤال المهمة في هذا التوقيت، هل يستطيع الساسة الإيرانيون وكبار العسكريين إقناع المرشد الذي يبلغ من العمر عتياً ولا يملك وعياً سياسياً كافياً إن أميركا جادة هذه المرة، وإن بقاء النظام أصبح على ألمحك وإن تغيير النظام الحاكم في طهران سيكون محل تنفيذ وعلى أجندة سادة البيت الأبيض!
دول الخليج والدول العربية عموماً تريد التأكد من عدم إمكانية إيران الحصول على القنبلة وهي رغبة أميركية أيضاً وإسرائيلية.
حصول إيران على القنبلة، يعني سباق تسلح يؤدي في النهاية إلى كارثة في الشرق الأوسط وهي منطقة لا تحتمل مزيد من الحروب، وجاهزة للإننفحار بأي لحظة.
الشعب الإيراني متضرر كثيراً من العقوبات التي سببها عناد القيادة الإيرانية، وبرأيي أيضاً إن إسرائيل ستشن ضربات أخرى لكنها مركزة ومحدودة. وبرأيي أيضاً واعتقد جازماً أن المشهد حالياً ليس بداية حرب عالمية ثالثة، وأنها ستنتهي خلال أيام وهي رسالة أمريكية واضحة، مفادها اوقفوا تطوير السلاح النووي ولن تحصلوا على قنبله، وعودوا للمفاوضات وتصرفوا كدولة راشدة واتركوا دعم أذرعكم في العالم العربي أو سيتم تغيير النظام بالكامل كما المح ترمب في تصريحه.
الرئيس الأمريكي حاسم وحازم وجاد وحليفتهم إسرائيل أكثر من سعيدة بالقيام بدور الرسائل العسكرية من هذا الإطار كنوع من الانتقام.
تحجيم إيران أمر يسعد تل أبيب ويسعد الكثيرين من دول المنطقة التي طالها شر إذرعة إيران.
الأيام حبلى ولكن طبيعة الضربات الإسرائيلية لاتدعوا كونها رسالة، فلم يتم استهداف محطات نووية، ولم يتم أي تسرب لأي اشعاعات، والضرب في (الطوارف)، وتم استهدف منطقة حساسة واحدة ضمن إحدى عشر منطقة أكثر حساسية.
القرار بيد المرشد، ومن يعرف المرشد جيداً، يدرك أنه لن يفهم الرسالة، ولن يدرك جدية أميركا وأن القنبلة خط أحمر.
أ. دحام العنزي
@dahham2030
عضو جمعية إعلاميون