29/9/2024
العالم العربي يعيش لحظة توتر لا يمكن تجاهلها، حيث تتصاعد الأحداث في لبنان وفلسطين بشكل ينذر بقرب حدوث انفجار شعبي لا يمكن إيقافه. في الأيام الأخيرة، اشتعلت الساحة اللبنانية من جديد، مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل كارثي. العالم يغلي بالمظاهرات التي يشارك فيها الآلاف، الذين يصرخون طلبًا للإغاثة وإنقاذ لبنان
وفي نفس الوقت، تشتد نيران الصراع في فلسطين بشكل أكثر عنفًا من ذي قبل. الهجمات الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية تزداد شراسة، حيث شهدت الأيام الأخيرة عمليات عسكرية موسعة في جنين ومناطق أخرى من الضفة، بما في ذلك هدم المنازل واعتقال العشرات من الفلسطينيين. مع كل ضربة، يتصاعد الغضب الشعبي في فلسطين وفي جميع أنحاء العالم العربي. مرة أخرى في مرمى الاستفزازات، مما يزيد من توتر المنطقة، ويخلق حالة من الاحتقان الذي قد يتحول إلى انفجار شعبي واسع في أي لحظة.
هذا الغضب الذي يتفجر في لبنان وفلسطين لا يمكن فصله عن الأوضاع في باقي الدول العربية. الاحتجاجات في العراق والسودان، الأزمات السياسية في تونس وسوريا، والاضطرابات الاجتماعية في مصر، كلها تشير إلى أن العالم العربي يمر بحالة غليان متواصلة. الشعوب تشعر بأن حكوماتها فشلت في تلبية مطالبها الأساسية، من توفير الخدمات إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ومع مرور الوقت يتزايد الإحساس بأن التغيير قد يكون الوسيلة الوحيدة للخلاص.
الأيام الأخيرة شهدت أيضًا زيادة في التنسيق بين الحركات الشعبية في هذه الدول، حيث تنتقل مشاهد الاحتجاجات والمظاهرات بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كل يوم يحمل معه مؤشرات جديدة على أن الغضب الشعبي يتجاوز حدود الدول ليصبح قضية عربية وغربية مشتركة. عندما يشاهد الناس في المغرب أو الأردن ما يحدث في لبنان وفلسطين، فإنهم يرون في تلك المظاهرات انعكاسًا لمعاناتهم الخاصة، ما يزيد من احتمالية أن تتحول هذه الأزمات المحلية إلى انتفاضات عربية جديدة.
الأنظمة الحاكمة تواجه تحديًا غير مسبوق؛ الاعتماد على القمع وحده لإخماد الاحتجاجات لم يعد كافيًا. في العالم، الجيش وقوات الأمن باتوا مرهقين من مواجهة الاحتجاجات المتكررة، وفي فلسطين، الاحتلال الإسرائيلي يستنزف موارده في محاولة للسيطرة على الأراضي والمقاومة الشعبية. ومع ذلك، تبدو هذه الأنظمة عالقة في سياسات قديمة لا تقدم أي حلول جديدة، مما يجعل من الصعب تصور كيف ستتمكن من الحفاظ على استقرارها في ظل هذا الغضب المتصاعد.
الأحداث الأخيرة في لبنان وفلسطين قد تكون الشرارة التي تشعل موجة جديدة من الثورات في العالم العربي. فالوضع الراهن لم يعد قابلًا للاستمرار، والشعوب لم تعد تحتمل المزيد من الفشل والفساد. إذا استمرت الأمور في هذا الاتجاه، فقد نجد أنفسنا أمام انفجار شعبي واسع يشمل عدة دول في المنطقة، حيث قد تتوحد مطالب الشعوب للحرية والكرامة في حراك جديد لا يمكن السيطرة عليه.
العالم العربي يقف اليوم على حافة تحول كبير. ومايحدث في لبنان وفلسطين ليس سوى مقدمة لما قد يأتي. الشعوب التي سئمت من تكرار نفس الأخطاء، والأنظمة التي تصر على سياسات الإقصاء والقمع، قد تجد نفسها قريبًا في مواجهة قوة جماهيرية لا يمكن تجاهلها. بركان الغضب الذي يشتعل ببطء في الأيام الأخيرة قد ينفجر في أي لحظة، وحينها سيكون من المستحيل إخماد نيرانه.
سعد أبوطالب
عضو جمعية إعلاميون
wyq1217351@