مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

القهوة السعودية

4/2/2022

خلال الأيام الماضية امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بالحديث عن خبر توجيه وزارة التجارة للمنشآت التجارية باعتماد اسم «القهوة السعودية» بدلا من «القهوة العربية» في المطاعم والمقاهي والمحامص، بردود فعل مختلفة قابلت هذا التوجيه فالبعض استغرب تغير المسمى الذي «من وجهة نظره» لن يقدم أو يؤخر، والبعض الآخر أنعشه التوجيه كانتعاش مرهق أنهكه التعب استعاد حيويته ونشاطه بعد احتساء فناجل قهوة سعودية فاخرة مبهرة بالهيل والزعفران. والبعض الآخر ردة فعله كانت «لا تعليق» متقبلا دون بحث في التفاصيل لأن لا وقت أو فضول لديه لمعرفة الأسباب.

شخصيًا.. وكثيرون مثلي أبهجنا هذا التوجيه بشكل كبير، فهو وإن أثار استغراب البعض ورآه بسيطا من وجهة نظرهم، أو لعدم وصول البعض الآخر لعمق أهدافه، إلا أنه من أهم «الإجراءات الرسمية المباشرة» التي تربط المواطن «بطريقة غير مباشرة» بهويته وجذوره وأصله وعاداته وتقاليده، بهدف وقايته من برد تمويه الهوية بدفء أصالة الأجداد وعبق موروثاتهم حتى في أبسط الأشياء.

تكلمنا كثيرًا عن صعوبة المحافظة على الموروثات التي تشكل ملامح الهوية الأصيلة في ظل تمازج الثقافات الذي يتم صهره داخل أوعية الثورة الرقمية الساخنة ليقدم كوجبات شهية مزينة بشكل جاذب على أطباق من برامج التواصل ومنصاته المختلفة لتلتهمه عقول أجيالنا الجديدة بشهية نهمة دون التفكير بمكوناته إن كانت ذات قيمة تُسمن جسد أصالة الموروث الثقافي المجتمعي، بحيث تقيه جوع هوية إن لم تغذ جيدًا فسيصيبها هزال ولاء نحن في غنى عنه لأنها ستجعل الفرد تبعيًا سهل الانقياد وعرضة لسرقة العقل والفكر والولاء.

مع بداية الإعلان عن رؤية 2030 التي كانت أحلامًا خاصة زرع سمو ولي عهدنا الغالي محمد بن سلمان -حفظه الله- بذورها داخل أرض خصبة من أمانيه، وسقاها بعزمه وحزمه على تنفيذ أهدافها وبنودها، ثم بعد أن أينعت ونضجت ملامحها داخل عقله، طرحها على أرض الحلم الوطني الكبير لتصبح مسؤولية كل مسؤول ومواطن، يسقيها من حلمه الخاص المستند على أساس متين من حلم وطني عام لتحقيق جودة حياة نستحقها، وبذلك أينع الزرع فحان قطاف ثمره الذي كان من أوائل طرحه.. انفتاح غير مسبوق لم يكن متوقعًا في وطني الذي كانت أبواب الانفتاح الاجتماعي فيه شبه مغلقة، هذا الانفتاح الذي أدخل إلى مجتمعنا ثقافات مختلفة عديدة وجعلها تفرض نفسها بقوة داخل بيئتنا، على أرضنا وتحت نظرنا دون الحاجة إلى الانجذاب إليها خفية من خلال شاشات صغيرة في متناول كل يد، وضعت ثقافتنا المحلية وموروثنا الديني والقيمي والأخلاقي والمجتمعي في بؤرة الاهتمام حتى لا تبهت أو يضيع، لذلك كانت المحافظة على الهوية أحد بنود رؤية الخير.. وسعيا لتحقيق ذلك وجدنا جهودا لا يستهان بها وقرارات وتوجيهات مباشرة تؤثر بجاذبية غير مباشرة على توجيه اهتمام الجيل الحالي بالموروث المجتمعي بعمق وحب واعتزاز.

جذورنا ضاربة في عمق الزمن، وتاريخنا مدعاة للفخر، وموروثنا هوية تجعل لنا بصمة يعرفنا بها العالم مهما تفاعلنا مع تحديثات تفرضها علينا شروط استمرارية العلو بين المجتمعات والدول.. لذلك كان يوم التأسيس الذي بلا شك سيعالج قصور جمودية المعلومة في مناهج التاريخ وسيدخل بجاذبية وسلاسة إلى عقول وقلوب كبارنا وصغارنا من خلال فعاليات تليق بالسعودية وتاريخها.. وسنتناول القهوة السعودية ونحن نزهو بأزياء من مختلف المناطق السعودية، وقريبًا ستكون قهوتنا وأزياؤنا ورقصاتنا وأهازيجنا وثقافتنا السعودية العامة والمناطقية الخاصة ماركات عالمية بمرتبة سفراء ثقافة تثير بجمالها فضول العالم وتستقطب السياح لزيارة مملكتنا ليتقبلهم أبناء وبنات المملكة العربية السعودية بطاقة هائلة من اعتزاز يجعلهم بأمر الله خير ضمانات بشرية لاستمرار وهج تاريخ وتألق وطن.
نعم.. إنها السعودية، والحمد لله.. على نعمة السعودية.

الناشر : صحيفة الوطن

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop