5/10/2024
تعزيز جودة الطفل يشير إلى تطوير شامل للمهارات العقلية، الاجتماعية، والعاطفية لضمان استعداده لمواجهة تحديات الحياة المستقبلية. يعتمد هذا التعزيز على تنمية قدرات الطفل على التفكير النقدي، حل المشكلات، والذاكرة، إضافة إلى تعزيز المهارات الاجتماعية والتواصلية. تشكل هذه الجوانب الركيزة الأساسية لنجاح الطفل سواء في المراحل الدراسية أو في حياته العملية والمهنية.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأنظمة التعليمية التي تركز على التعلم المبكر لها تأثير كبير في تطوير القدرات المعرفية للأطفال. دراسة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لعام 2016 تقدم مثالًا واضحًا على ذلك، حيث أظهرت أن الأطفال في الدول التي تعزز التعليم المبكر، مثل سنغافورة وفنلندا، يحققون نتائج أفضل في مهارات التفكير والتحليل. في سنغافورة، يُركز النظام التعليمي على الصرامة الأكاديمية في سن مبكرة، مع دعم كبير من الأسرة والمجتمع، مما يساعد الأطفال على اكتساب مهارات متقدمة في القراءة والكتابة وحل المشكلات.
من الناحية العقلية، تُعد الذاكرة والتركيز عاملين أساسيين في تعزيز جودة الطفل.كما اكدت العديد من الدراسات منها دراسة أجراها الباحثان ديموند وهارتزل (2013) حول “الوظائف التنفيذية” تشير إلى أن الأطفال في سن السادسة يظهرون تطورًا كبيرًا في ذاكرتهم العاملة، مما يتيح لهم القدرة على الاحتفاظ بعدة عناصر في آن واحد، وهو ما يسهم في استيعاب المعلومات المعقدة والتفكير بطرق أكثر تحليلية. أشارت الدراسة إلى أن الذاكرة العاملة ترتبط بشكل مباشر بتطور القدرات المعرفية، مثل حل المشكلات واتخاذ القرارات، وتعتبر أساسية للتعلم الناجح. هذه المهارات تتطور تدريجيًا مع تقدم الأطفال في السن، وتلعب الأنظمة التعليمية التي توفر بيئات محفزة دورًا حيويًا في تعزيز هذه القدرات.
إلى جانب التعليم، يلعب التفاعل الاجتماعي والأسري دورًا حيويًا في تعزيز جودة الطفل. من خلال توفير بيئة داعمة، يتمكن الطفل من تطوير مهاراته العاطفية والاجتماعية، مثل القدرة على التعاون، التعبير عن المشاعر، والتواصل بفعالية. هذا التوازن بين التطور العقلي والاجتماعي يضمن تنمية متكاملة للطفل، مما يمكنه من تحقيق نجاحات أكاديمية وشخصية في المستقبل.
بالتالي، تحسين جودة الطفل يتطلب تكاملاً بين النظام التعليمي، الدعم الأسري، والبيئة الاجتماعية. هذا التكامل يسهم في تطوير المهارات العقلية، العاطفية، والاجتماعية بشكل متوازن، مما يمكّن الأطفال من الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة وتحقيق نجاح مستدام في حياتهم.
ندا العمودي
عضو جمعية إعلاميون
@Nada_Alamoudi28