13/10/2022
على أحد الأرصفة وفي ساعة مُتأخرة من الليل، كُنت أجلس أُراقب الشارع الذي ماتت الحركة فيه، بعد نهار طويل ممتلىء بالضجيج، سكون الشارع تسلل لقلبي، وأنا البعيد جداً عن قريتي الجميلة، إنه الحنين لكُل شيء في تلك القرية.
حقيقةً..
كُل مدينة لا أُم لك فيها ستبقى بها غريباً..
هذا ما أعيشه وأحياه وأشعر به دائماً، الحنين لأمي يدفعني دائماً للشعور بالوحدة والغُربة، رُبما لأن ما يربطني بأمي ذكريات حياة من الصعب نسيانها، مواقفها وصبرها تجعلني أُدرك جيداً معنى أن تكون الأُم أُماً..
ارتباطي بأمي ظاهر لا أُخفيه، علاقتي معها الكُل يراها، حتى مُكالماتي معها، من معي لابُد أن يستمع لدعواتها وهي تُردد عبر الهاتف «يابعد وجهي وجهك، يابعد زولي زولك»، شريكتي في قصائد الحُب التي أكتبها، ومُحبّة لقصص البدو الراحلين التي أرويها دائماً عبر مقاطع سناب شات.
كُل هذه المشاعر الجيّاشة لم تدفع أبي يوماً لسؤالي «ليه دوم تكتب عن أمك»، هو الوحيد الذي يُدرك ما بين الأُم «وأطفالها الذين لا يكبرون»، عاش أبي يتيم الأب منذُ بداية شبابه، وحيداً إلاّ من أُمٍ إلى آخر لحظة من حياتها كُنت أراها تخاف عليه وكأنه ما زال طفلاً.
ربما هي المرّة الأولى التي أذكر فيها أبي..
هذا الرجل الذي كان يعمل موظفاً مدنياً في أحد الوزارات عندما فُتِحَ التطوّع أثناء الغزو العراقي للكويت، تطوّع ليُقاتل دفاعاً عن بلاده، لم يلتفت للخلف، أُسرته وأمه وأطفاله والذين كانوا في حينها بلا منزل، يتنقلون بين المنازل المُستأجرة، لكنه كان يعلم أن الوطن هو البيت الكبير الذي بدونه لن يكون لكل شيء قيمة، تطوّع وانتهت الأزمة، وأكمل حياته، وامتلك منزلاً، وهو الآن يجني ثمار الصبر والكفاح ولله الحمد.
لا أعلم لماذا أُشارككم هذه القصص غير المُترابطة، لكنني فعلاً أُريد أن أقول لكم: أظهروا مشاعركم تجاههم، وتجاه كُل من تُحبون، الحياة مرة واحدة، وهم يجب أن يستمعوا لكل كلمات الحُب منكم.
الناشر: الرياض