مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

حياكة حياتنا..!!

30/6/2023

لدينا في الإعلام نظرية عريقة مرت بمراحل متقلبة وهي نظرية “ترتيب الأولويات” وبدأت النظرية بأن وسائل الإعلام ترتب أولويات الجمهور، وبعد زمن طويل أتى باحثون في الإعلام، وعكسوا النظرية وأصبح هناك رأي بحثي وعلمي يقول إن الجمهور هو من يرتب أولوية وسائل الإعلام، وترسخ هذا المفهوم مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، وأن الحدث “الترند” فيها، يصبح مادة دسمة وربما أساسية في وسائل الإعلام الجماهيرية.
وأجد هذه النظرية الإعلامية، متوافقة مع حياة كل إنسان، فالكثير منا يتصور أنه يدير حياته بإرادته وتخطيطه، وبنسبة قد تصل في تصورات البعض إلى 100 في المئة، وهذا بوجهة نظري كلام يفتقد للدقة كثيراً، وقد تتضح هذه النتائج، بشكل أدق مع تقدم عمر كل إنسان، وما حققه من نتائج في حياته، على كل الأصعدة.
واصنف الناس على ثلاث حالات في إدارة حياتهم، فالصنف الأول نجدهم يتصارعون مع الحياة، فمرات تقودهم ومرات يقودونها، وتكون قراراتهم هي من تحدد نجاحهم أو فشلهم. ونقول عن هذه الفئة مستوري الحال أو عائشين بالبركة، وهكذا من الوصف أو القراءات الاجتماعية التي نجدها في بيئة الأسرة أو العمل أو الدراسة. ويتضح ذلك عندما تستعرض شريط الذكريات لزملائك في الصف سواء بالمرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوي، وأين أنتهى بهم المطاف، وماذا حققوا من نتائج على كل المستويات؟
والحالة الثانية، هم من يملكون نسبة عالية في إدارة حياتهم والظروف المتغيرة التي تحدث لهم، وقد تصل نسبة حكمهم لهذه الحياة إلى 80 في المئة. وهؤلاء منظمون ويدرسون خطواتهم وقراراتهم بتأني ودقة، ويوفقون في حساباتهم ومن ثم حياتهم، متسلحين بالصبر والحكمة والنفس الطويل، للوصول للنتائج التي يطمحون لها. وهم عادة لا يبالغون في أحلامهم أو تطلعاتهم، ويربطونها بإمكانيتهم وقدراتهم، ويكونون واقعيون أكثر.
الحالة الثالثة، وهي تمثل المغامرون، والذين يملكون ثقة كبيرة في أنفسهم وسمات من الذكاء والإصرار والصبر وطول النفس، وربما شيء من (العناد). والبعض منهم يبلغ ما يعرف بـ (الثقة العمياء)، والتي قد تؤدي بهم بشكل أو أخر إلى التهلكة لا قدر الله. والناجحون من هؤلاء المغامرون نسبة قليلة، قد لا تتجاوز 25 في المئة، أما السواد الأعظم الذي قد يصل عددهم إلى أكثر من 70 في المئة يفشلون للأسف نتيجة خطأ ما أو تسرع غير محسوب، ويكون موقعهم في الحياة، أقل من الصنف الأول، وربما يواجهون صعوبات كبيرة في اكمال حياتهم بمشقة.
هناك ما يعرف بمبدأ باريتو أو ما يسمى بقاعدة ٨٠/٢٠، وفي الواقع الحديث عن هذا المبدأ أسهل بكثير من تطبيقه على أرض الواقع، ويدرك الناس أهمية تركيزهم على العمل الهام، أو الذي سيمنحهم أفضل النتائج، ولكن للأسف معظمهم يتعلم فقط ولا يطبق، فالتنفيذ فيه صعوبات كثيرة حتى إدارة النفس ذاتها.
لذلك يجب أن نتعلم منذ الصغر، نظاماً معيناً لحياتنا، ونعلمه لأبنائنا وأجيالنا الجديدة، بحيث نعرف ما نريد أن نفعله في يومنا، وما نصل له في نهاية الأسبوع، وما هي الانجازات التي نريد الوصول إليها في نهاية السنة. ونحدد أهدافنا المستقبلية، وكيف سيتم الوصول إليها، وأن نضع لأنفسنا نظام حياة، نتمكن من خلاله لإدارة حياتنا بالشكل اللازم، والصحيح. وأن نحدد تخصصاتنا الدراسية بعناية شديدة وأن نبذل فيها جهد مضاعف ونستثمر فيها بكل ما أوتينا من قوة وجهد واجتهاد، ومن بعد ذلك لابد نُحسن اختيار أعمالنا التي نحبها، ونمضي فيها بحماس لا ينتهي، وأن تؤدي بنا إلى طموحاتنا وتحقق أحلامنا. وأيضًا في اختيار شريك حياتنا والأصدقاء وزملاء العمل وهكذا. فعندما نرسم ونختار البداية الصحيحة نصل للنتيجة الصحيحة المرضية لنا، ولمن يعنيهم أمرنا، أو يعنينا أمرهم.

د. سعود الغربي
مؤسس ورئيس جمعية إعلاميون
@S_F_Algharbi

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop