مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

“سرطان” السوشل ميديا!

12/7/2023

ظهر مفهوم إدمان الإنترنت مبكراً مع ظهور هذه الشبكة في القرن العشرين الميلادي، ولا شك أن مفردة “الإدمان” سلبية، وارتبطت أيضاً بمنصات التواصل الاجتماعية وشبكات السوشيل ميديا، وأصبح هناك حملات تحذير وتوعية من الوقوع في هذا الإدمان سواء طبياً أو اجتماعياً أو حتى اقتصادياً. فالوقت أثمن بكثير من أن يضيع في تسلية يصفها البعض بـ (التفاهة). واتجهت بعض الدراسات العلمية والباحثين لدراسة هذه الظواهر وسبل أغوائها، والخروج بنتائج تعلن للجميع، ولكن لا حياة لمن تنادي، فقط اختطفت هذه المنصات الناس بإرادتهم أو بمغريات توقعهم في شراكها، سواء مالية أو شهرة وأضواء أو جوانب نفسية ارتبطت بها.

الدلالات السلبية للاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي، لم يتوقف عند وصف الإدمان، بل الكثير شبّهوا علاقة الناس بـ “السوشيل ميديا” ومنصاتها، بحالات مرضية متقدمة، ووصفوها بـ “السرطان”، وجميعنا ندرك ماذا تعني مفردة “سرطان”، فهو مرض عضال يقتل صاحبه ولو بعد حين. وقد وقع فعلاً وفيات نتيجة تشنجات أو شحنات كهربائية زائدة عند الأطفال والمراهقين، أو مشاحنات إلكترونية بطريقة أو أخرى، أو تقليد لمحتوى أو ممارسات تنشرها هذه المنصات وتجعلها مادة للناس تغرر بهم وتضللهم. ومنهم من أُدخل السجن لمدد طويلة، وبعضهم تكبد غرامات باهضة، وهكذا تتعدد الخسائر وبكل الأشكال، والسبب الاستخدام الخطر لهذه المنصات.
سرطان السوشيل ميديا، أربك حياة الناس وخلق كل أنواع التوتر وربما الاقتتال في المجتمعات، والغريب والعجيب في الأمر أن مؤسس ومالك منصة (التيك توك) يقول إن أطفاله ليس لديهم معرفات فيها، ولا يدخلونها ولا يتابعونها بأي حال من الأحوال. وعلى المستوى المؤسسي نجد وزارة الدفاع البريطانية تحظّر على أفرادها تحميل التطبيق أو استخدامه، وتصنفه وسيلة خطرة قد تهدد أمنها ومعلوماتها العسكرية على سبيل المثال، وفي ووزارة الدفاع الأمريكية اتخذت نفس الإجراء.
ووفق دراسة أجرتها الجمعية الأمريكية للطب النفسي عام 2019، حيث يرى ثلث البالغين الأمريكيين أن وسائل التواصل الاجتماعي ضارة بصحتهم العقلية والنفسية، ويعتقدون أن استخدامها مرتبط بالعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة. وبعض الأبحاث توصلت لوجود علاقة بين هذا الاستخدام ومرض الاكتئاب، وبعضها أكد أن “السوشيل ميديا” أرض خصبة للحسد، ومحتوها يعزز الغيرة السلبية بين الناس للأسف.
الباحثون توصلوا إلى مجموعة نصائح إجرائية، يمكن لكل شخص الاستفادة منها بطريقة أو أخرى، بحسب ظروفه ودرجة ارتباطه بهذه المنصات، وأولاها تحديد متى وأين تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي؛ الالتزام بعد الدخول لها أثناء الأكل أو الحديث مع صديق أو في وقت العائلة؛ والتأكد من أن ألا تتداخل مع العمل؛ أيضاً لا تحتفظ بهاتفك أو جهاز كمبيوترك في غرفة النوم، والحذر جدا بأن تصل لمرحلة تضطر لعمل “ديتوكس” أي التخلص من سموم “السوشيل ميديا”؛ وأخيراً انتبه لمشاعرك أثناء استخدام هذه المنصات.
وبلا شكّ؛ إنّ التخلص من إدمان السوشيال ميديا ضروري مع كل تلك المساوئ، ولكنّنا عندما ذكرنا كل تلك السلبيات المحتملة لمواقع التواصل الاجتماعي ومشتقاتها، لم نقصد تجاهل ميزاتها العديدة والمتنوعة، ولذلك الحل المناسب بوجهة نظري هو سياسة التوزان في كل شيء، وأن يحمى كل منا شخصيته وهويته، وأن لا يكون “إمعة” تتحكم فيه وتوجهه، هذه المنصات من دون أن يشعر، بإدمانه وبلوغه مراحل مؤلمة.

د. سعود الغربي
مؤسس ورئيس مجلس إدارة إعلاميون
S_F_ALGHARBI@

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop