مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

«على خطاه»

04/02/2025

في خطوة تُجسِّد التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على الإرث الإسلامي وتعزيز الهوية الثقافية، أُطلقت مؤخراً في المدينة المنورة مبادرة «على خطاه»، وهي مشروع ثقافي وسياحي يهدف إلى إحياء ذكرى هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتتبع خطواته في رحلته التاريخية من مكة إلى المدينة.

هذه المبادرة ليست مجرد حدث تذكاري، بل هي رحلة روحية وتاريخية تلامس قلوب الزوار وتُعيدهم إلى زمن النبوة.

وتأتي مبادرة «على خطاه» في إطار رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية للسياحة الثقافية والدينية وتهدف المبادرة إلى تعريف الزوار، سواء من الداخل أو الخارج، بمسار هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإبراز الأحداث التاريخية التي واكبت هذه الرحلة المباركة.

كما تسعى إلى تعزيز القيم الإسلامية والإنسانية التي تجسِّدها الهجرة، مثل الصبر، والتضحية، والإيمان بالله.

يمتد هذا المسار على مسافة تقارب 470 كيلومترًا، منها 305 كيلومترات مخصصة للمشي على الأقدام، مما يوفر تجربة فريدة للمشاركين في تتبع خطوات النبي الكريم.

حيث يبدأ المسار من نقطة انطلاق الهجرة في مكة المكرمة، مروراً بالمواقع التاريخية التي مرَّ بها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وصولاً إلى المدينة المنورة.

ويشمل المسار محطات رئيسية مثل غار ثور، حيث اختبأ النبي وأبوبكر الصديق رضي الله عنه، ومسجد قباء، أول مسجد بُني في الإسلام، وصولاً إلى المسجد النبوي الشريف.

والمسار هو نقطة تحول كبيرة في الاقتصاد والحياة الاجتماعية لأكثر من 30 مدينة وقرية على امتداد طريق الهجرة.

وقد تم تصميم المسار ليكون تفاعلياً، حيث يُقدِّم للزوار شرحاً مفصَّلاً عن كل محطة، مع استخدام التقنيات الحديثة مثل الواقع الافتراضي لتجسيد الأحداث التاريخية.

وقد تم تطوير المشروع بالتعاون مع مؤسسات تاريخية وحكومية لضمان دقة التفاصيل، ومن المقرر أن يتم افتتاحه رسميًا في نوفمبر المقبل لمدة 6 أشهر. ويهدف المشروع إلى تقديم تجربة تعليمية وثقافية للزوار، من خلال الجمع بين المعلومات التاريخية والبنية التحتية الحديثة، مما يجعله وجهة رئيسية للراغبين في استكشاف تفاصيل هذا الحدث التاريخي.

كما تم توفير مرشدين سياحيين متخصصين في التاريخ الإسلامي لشرح تفاصيل الرحلة وأهميتها.

وتتضمن المبادرة سلسلة من الفعاليات الثقافية والدينية، مثل المحاضرات التاريخية، والمعارض الفنية التي تُجسِّد أحداث الهجرة، وورش العمل التي تُعنى بدراسة السيرة النبوية.

كما تم تخصيص مساحات للعائلات والأطفال، حيث يمكنهم المشاركة في أنشطة تعليمية تهدف إلى غرس قيم الهجرة في نفوس الأجيال الجديدة.

تُعد مبادرة «على خطاه» خطوة مهمة في تعزيز السياحة الدينية في المملكة، حيث تُقدِّم تجربة فريدة للزوار تدمج بين التاريخ والدين والثقافة.

ومن المتوقَّع أن تسهم هذه المبادرة في جذب مزيد من السياح من مختلف أنحاء العالم، مما يعزِّز الاقتصاد المحلي ويرسِّخ مكانة المملكة كمركز للتراث الإسلامي.

على الصعيد الثقافي، تُعيد المبادرة تعريف الزوار بأهمية الهجرة كحدث تاريخي غيَّر مسار البشرية، وتُذكِّرهم بالقيم التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم إلى العالم، مثل العدل، والتسامح، والأخوة الإنسانية.

مبادرة «على خطاه» ليست مجرد رحلة على الأرض، بل هي رحلة عبر نفق التاريخ نقف فيها عند محطات الروح والروحانية والإلهام.

إنها دعوة للعالم كي يتوقف عند لحظة فارقة في التاريخ الإسلامي، ليتأمل في الدروس التي يمكن أن نستقيها من هذه الرحلة المباركة في زمن تسوده السرعة والضغوط، تأتي هذه المبادرة لتُذكِّرنا بأهمية التوقف عند القيم الإنسانية التي تجمعنا، والتي جسَّدتها هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

هي مبادرة ذات هدف سام، يؤكد التزام المملكة العربية السعودية بحماية الإرث الإسلامي، وتقديمه للعالم بطريقة عصرية ومؤثِّرة، تجمع بين الأصالة والحداثة.

 

أ. تغريد إبراهيم الطاسان
‏@taghreed_i_t
نائب رئيس جمعية اعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop