22/2/2023
لقد أصبحت أشهر من نار على علم، أصبح كل العالم يعرفني ويعرفون قوتي ويحسبون لي ألف حساب، لكنهم لا يعرفون ما عانيته ومررت به في حياتي، ولا يعرفون قصتي الحقيقة. لقد عشت سنين طويلة متخبطة في الخوف، التشتت والضياع وعدم الاستقرار. كانت روحي تائهة ومبعثرة. كنت أعاني من الجهل الذي أضاع عقلي وروحي والأمراض الخطيرة التي نخرت جسدي وأماتت بعض أعضائي. لقد انقضت عليّ أوبئة العصر وهاجمت جسدي الضعيف المنهك فقاسيت من السل والطاعون وغيرها من الأمراض لوقت طويل. ضعفي وتشتتي كان سبباً لنشوء النزاعات بين أولادي الذين تفرقوا وأصبحوا يتناحرون ويتعدى بعضهم على بعض ويأكلون حقوق بعض. إضافة لذلك، لم أسلم من بعض جيراني الذين كانوا يحاولون أذيتي والقضاء على للاستيلاء على حلالي وأموالي.
تنقلت وعشت في مواقع كثيرة من الجزيرة العربية، لكني كنت تائهة لا أشعر بالانتماء. ثم ساقني قدري للدرعية التي شعرت في ذلك الوقت أنها الموطن المميز الذي وجدت فيها ضالتي. عشقت الدرعية لجمالها وأصالتها التاريخية حيث كانت تضم الكثير من المعالم الأثرية العريقة إضافة لكونها ذات موقع حساس جداً حيث كانت نقطة الوصل التجارية بين شمال وجنوب الجزيرة العربية.
ما زلت أتذكر ذلك الحلم الغريب الذي حلمته تلك الليلة بأنني وسط نخل كثير مليء بعذوق التمر الناضجة المتدلية، تقف تحتها امرأة فاتنة تبيع بعض الفخريات الجميلة وبجانبها رجل يبيع بعض الأقمشة والبخور. رأيت صقراً من بعيد جاء وحط على ساعدي بكل هدوء وأخذ ينظر لي. لم أكن خائفة منه، بل شعرت معه بالقوة والفخر. ثم رأيت فارساً مقبلاً علي وهو يمتطي خيلاً عربية أصيلة ويحمل راية خضراء يفديها بروحه كتب عليها “لا إله الا الله، محمد رسول الله”
لقد عشت سنين طويلة في ضياع وصراع وأمراض وتخبط، حتى جاء ذلك الشخص الذي انتشلني من كل ذلك. حتى جاء ذلك الرجل، صاحب الرؤية الثاقبة الذي لم شتات روحي المبعثرة وأشعرني بالاستقرار والانتماء. الرجل الذي جعلني أشعر بالحرية والعزة والكرامة والنخوة وبالأصالة والاعتزاز بالنفس. الرجل الذي علم أبنائي التكاتف والتعاضد، الذي علمهم حبي وحب والدفاع عن بعضهم البعض. حتى جاء الإمام محمد بن سعود وأنقذني في يوم ميلادي الحقيقي، يوم ضربت جذوري في عمق الجزيرة العربية وأصبحت راسخة كجبل أصم، يوم تأسيسي، أنا.. الدولة السعودية، يوم 22 فبراير 1772م.
وسيمة العبيدي
عضو جمعية إعلاميون
Wasema@