11/1/2022
عندما تعدُّ السب والشتم ليس مزحًا وإنما إهانة، وأن صدرك لا يتسع لكل هذه الشتائم التي لم تترب عليها ولم تعتد عليها ولا تريد أن يستخدمها الغير معك بحجة (الميانة)، ولا تريد أن تعتاد عليها من الأساس، وأن كونك تتخذ موقفًا حازمًا تجاه هذه الألفاظ يجعل منك شخصًا حساسًا لا يتمتع بمرونة كافية. هذا الضغط النفسي لا يمكن أن يتقبله شخص يحترم نفسه مقابل أن يكون داخل دائرة المقربين. لم أعد أروق لهم؛ لأنني لا أتقبل فكرة أن قوة العلاقة تعتمد على رفع حدود الاحترام بين الأصدقاء، وأن الغريب يتمتع بحصانة دبلوماسية تعفيه من تحمل غثاء البعض، وأن القريب أولى بالسب والشتيمة والاستهزاء.
لم أعد أروق لهن لأن في كل مجلس نسائي وكل مناسبة يجب أن تكون الأغاني حاضرة والرقص شاهداً! وإلا عدّ البعض أن الجلسة مملة وباردة وتخلو من (الوناسة)، لا حوار لا نقاش ولا حتى سؤال عن الأخبار، فنحن ليس لدينا وقت كافٍ لنستمع لبعضنا وسط هذا الصخب، ولم نعد نعرف بعضنا لانشغالنا باللهو. كل السيناريوهات في الجلسات النسائية مكررة لدرجة أننا أصبحنا نقرأ المشهد والأحداث مسبقاً لأننا نعلم ماذا سيحدث بعد كل فقرة!، حتى الأغاني التي تُطلب للرقص حفظناها وعرفنا ذوق كل واحدة على حِدة. هذه الظاهرة الجديدة التي غزتنا وجعلت الأغاني ليس حصرًا على الأفراح والمناسبات وإنما وجودها ضرورة ملحّة في كل تجمع نسائي ولا تكتمل الجلسة إلا بها جعلتني أبدو هادئة على غير العادة وأخشى أن أبدي امتعاضي من تلك الجلسات الروتينية المملة كي لا أصبح غريبة أو ذات مزاج حاد لا يتأقلم مع ما يطلبه المشاهدون. هل المشاهدة بحد ذاتها إنجاز أو متعة؟ لا أعرف سوى أن دور المتفرج لم يكن يومًا دورًا إيجابيًا!
صدمتني فكرة أن المواقف الحازمة وردود الأفعال العنيفة لا تؤخذ حسب حجم الإساءة وإنما تؤخذ حسب حجم الشخص ومكانته بالمجتمع!! فالأعذار حسب المناصب والأسماء، وتقبّل الإهانات وخلق التبريرات لا علاقة له بالمعزة ولا بحجم الخطأء أو حتى حفظ الود وإنما له علاقة بأهمية موقع الشخص بالمجتمع فهي التي تقرر حجم ردة الفعل، الكل يتصنع ميله للبساطة والطبيعة ولكن بالمحك الحقيقي بالحياة تظهر الوجوه على حقيقتها في مجتمعات تدعي التلقائية تكلفًا، لذا لم يعد يعنيني أن أروق لهم، فأنا لم أخلق لأشارك بالضجيج وإنما خُلقت لأصنع الفرق!