21/3/2022
قديماً كان الظهور الإعلامي يأتي بصعوبة والمشهور لا يسعى إلى الشهرة كغاية بل كوسيلة ليُفيد ويستفيد، عندما كان من شروط طرح المادة الإعلامية أن يكون صاحبها يملك موهبة فذة أو قلما مُشرقا يُضيء عتمة العقول، كان المشهور أو المشهورة آنذاك، شهرتهم تعادل الذهب الخالص النقي ووزنهم واسمهم ورونقهم، لذلك وضعوا بصمة خالدة وتاريخًا أبيض يفتخر به أبناؤهم ومجتمعهم، الأسماء كثيرة التي مرّت علينا وما زالت تتربع في ذاكرتنا، عندما كانت الوسيلة محصورة ما بين التلفاز والجريدة والمذياع وبصعوبة لا يتم قبول أي مادة إعلامية إلا بعد الفحص والتدقيق والتحري عن هذه المادة المُرسلة، ماذا عن الآن؟
تعددت منصات التواصل الاجتماعي وظهر لنا مشاهير (الفالصو) شهرتهم أتت عن طريق فيديو خادش أو قصص مفبركة صدقها مجتمعنا العاطفي، أصبحت الشهرة اليوم مهنة من لا مهنة له وارتبطت بالمادة وثراء الإعلان المُغري فأصبح الغالبية منهم يكذب ويدلّس ليعلن هذا المنتج أو تلك الأجهزة، هل كانت شهرة غازي القصيبي إعلانات وماديات ويوميات تافهة؟ طبعًا لا، هل كانت شُهرة شعرائنا العمالقة وكتّابنا المخضرمين فيها ملل وخدش وخصوصيات عائلية لا تليق؟ بالطبع لا، ظهروا تدريجيًا وحفروا الصخر، بل كانت بداياتهم صعبة وليست سهلة كما يتخيلها البعض، عملوا على تطوير موهبتهم ليصلوا إلى الظهور الإعلامي الذي يليق بهم بعد سنوات، ما نراه اليوم من مشاهير تافهين خطر قادم على أجيالنا القادمة اهتزت أُسر بسببهم وستتفرق عائلات بسببهم؛ لأن بعض المشاهير المرتزقة، يظهرون لنا أن حياتهم مخملية وخالية من المشكلات وأنها تمتلك الحقيبة الفلانية من البراند الفلاني وللأسف عندما تمعن تكتشف أنها ليست أصلية، دخلت عالم بعض المشهورات واكتشفت أن ما يظهرونه زاوية وحدة فقط من حياتهم يغطون بها الثغرات والفجوات التي تُشعرهم بالنقص، لا يمتلكون كاريزما ولا يمتلكون أي موهبة، كل ما هنالك الأرباح التي تأتيهم وكسب النقود عن طريق التدليس والكذب وإظهار الإعلان بشكل مُغري ليقع المتابع ضحية هذا الإعلان، صادفت إحدى المشهورات واكتشفت أنها لا تستطيع تركيب جملة مفيدة لتتحدث بها أمامنا، وحقيبتها التي تُظهرها وتصورها لنا في محل البراند لا تشتريها بل تبحث عن المقلدة، وهو الشيء المُضحك حقيقة، ثم دُعيت إلى احتفال يوم المرأة العالمي فشاهدت الإعلاميات المشهورات قديما يا إلهي كم اندهشت من كمية الثقافة واللباقة والكاريزما والموهبة الإعلامية التي ميزتهم في الزمن الجميل، تحدثوا عن الكفاح ثم النجاح والعثرات والعقبات التي كانت تواجههم وتخطوها بإصرار وقوة، هؤلاء هُم مشاهير الذهب، عكس ما يحدث اليوم من مشاهير من مشاهير التواصل الاجتماعي والتي ستنتهي شهرتهم يوماً ما، وستُرمى أسماؤهم في سلة النسيان، ولن يبقى إلا من أفاد مجتمعة وأثر على الفرد.
من هنا لا بُد أن يكون المتابع واعياً وحذِراً وراء الانجراف خلف تيار”التافهين” وأن يعي تماماً أن بعض التطبيقات ستختفي يوما ما ويختفي معها ما تظهره من شخصيات متصنعة غير جديرة.
نظفوا أجهزتكم من هذا العفن الإلكتروني المُسرطن، انتقوا من تريدون متابعته فأنت من تحدد ماذا تشاهد ولمن تشاهد
الناشر: صحيفة الرياض