مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

وتحسب أنك جرم صغير.. وفيك انطوى العالم الأكبر!

26/12/2023

في هذا الوقت المتسارع وهذا العالم الذي أتخمته السباقات والمنافسة لتحقيق الإنجازات، والذي غالبًا ما يحتفي بالإنجازات الكبيرة فقط، من السهل أن نشعر بضآلة الكائنات والأشياء، وأن نغفل عن القوة الهائلة التي تكمن فيها. إذ كيف لبذرة صغيرة أن تصدق أن هنالك شجرة عظيمة بداخلها، وكيف ليرقة أن تقتنع أنها ستكون فراشة بجناحين يأخذانها لأماكن لا يستطيع أن يصل إليها أحد، وكذلك الإنسان الصغير الحجم مقارنة بهذا الكون العظيم.
– من أجمل ما نسب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام المقولة التالية:
دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ… وَتَـحْـسَبُ أَنَّـكَ جِـرْمٌ صَـغِـيرٌ وَفيكَ انطَوى العالَمُ الأَكبَر.
– دائمًا ما أتأمل هذه المقولة التي تحمل معاني عظيمة وجليلة. فقد خلق الله الإنسان وشرفه وأعطاه منزلة أعلى من جميع الخلق وجعله خليفته في الأرض. ومع ذلك، يعتقد الإنسان أنه مجرد نجم صغير يسبح في فلك هذا الكون الكبير، وأنه لا تأثير له إطلاقًا على سيره، لكن وعلى الرغم من صغر حجم الإنسان بالنسبة للكون والعوالم والأفلاك وقناعته هو بصغر حجمه وبقلة حيلته، إلا أن عظمة الخالق سبحانه وتعالى وأسراره الإلهية قد تجلت في ذلك المخلوق الصغير. ذلك الكائن الذي غزا البر والبحر واخترق السماء ووصل للفضاء وأحدث اكتشافات هائلة في مختلف المجالات العلمية لتسهيل حياته على الأرض. ولولا غفلة الإنسان لميز دائه ودوائه وهم أفكاره ومعتقداته. لميز داءه الذي ينبع منه ويرهقه وهو الجهل وحاول معالجته ولأدرك دواءه الذي يسكنه، لكنه غير مدرك له وهو القدرات الهائلة والطاقة العظيمة التي وضعها الله فيه.
– يقول الشاعر:
كل شيء فيه معنى كل شيء.. فتفطن واصرف الذهن إليّ
كثرة لا تتناهى عددًا.. قد طوتها وحدة الواحد طي
– لكن لا ننسى أن نذكر أن نمو تلك البذرة لتصبح شجرة عملاقة تعطي الخشب والظل والورد وأطيب الثمار يعتمد على خصوبة ورطوبة الأرض التي تحتويها وتتبع تلك البذرة لنور الشمس، بالضبط كما هو الحال مع البيئة التي ينمو فيها الإنسان وتتّبعه لنور الله الذي يجعل منه كائنًا عظيمًا.
– يقول شمس الدين التبريزي: أنت جزء من سيمفونية الكون، قد تكون مستمعًا أو عازفًا. وأنا أضيف، وأنت من تختار!
– لذلك يجب أن يدرك الإنسان قيمته والنعم العظيمة التي وهبها الله إياه، وأن ينميها، لأن كل ما يحتاجه موجود بداخله. ما عليه إلا أن يبحث عن قيمته داخل نفسه ويرسخها وينميها ويحافظ عليها. فالحب والأمان موجودان في أعماقه، والثقة والتحفيز والإلهام والإبداع وكل ما يحتاجه بداخله.
وأخيرًا أضيف، إذا قضيت وقتك تطارد الفراش، سيهرب منك، لكن إذا قضيت وقتك في زراعة حديقة رائعة، ستجذب كل الفراشات الجميلة لك. إذن اقضِ وقتك في تطوير نفسك واكتشاف قدراتك المميزة واستغلالها الاستغلال الأمثل، وبذلك ستجذب كل الأشياء الجميلة لك.

وسيمة العبيدي
@Waseema
عضو جمعية إعلاميون
شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop