27/9/2022
ما أجمله من يوم ! وما أروعه من جمع ! وما أغلاها من مناسبة نرفع بها هاماتنا عزاً وفخراً ، ويحق لنا بها الرفع .
تحية لك يا وطني ، تحية إجلال وإكبار وخيلاء ، مني ومن الجميع بلا استثناء .
فنحن في هذا الأمر سواء ، وكلنا للوطن دعائم وأسس ،وعلينا وبنا يقوم البناء .
وها أنا أبث مشاعري على ورقي ، وأنيب عني في الحديث قلمي ، ليس عجزاً مني عن الكلام ، وليس قلة في المقال ، ولكني والله خشيت إني إن أطلقت لنفسي العنان متحدثة ، ألا أجد من يردني إلى ساحكم مقيدة ، أو يبعدني عن باحكم ، فأنا بوطني سيدة .
وأنا وإن كنت أرغب لو كان حديثاً مرسلا، من القلب منشأه ، وبالعقل مرتعه ، وعلى لساني مجراه وموضعه .
ولكني آثرت أن أضع لنفسي حدوداً فلا أتجاوزها ، والمساحة أمامي في الصحف محدودة، والكلمات القابلة للنشر مهما طالت، إلا أنها تظل معدودة، وأنا لا أريد أن أزاحمها بما لا يكفي لاتساعه الكون، لذا فضلت أن ألتزم بما يمكن حمله، وسأحتفظ لنفسي بما هو أكبر من أن تحمله، وما جعلني أشفق عليها من عظم ما كلفتها به، فما لدي أكبر من أن يُكتب، وأظهر من أن يُحجب، وأصدق من أن يُكَذَّب …
فهو حديث يعبر عن صادق مشاعري، وبالغ شكري وامتناني لوطني، حديثاً مباشراً دون وسائط …
وبكل بساطة، ودون اشتراطات أو ضوابط … .
فهو حبي، وأنا في حبه مفتون، وليس ذنبي إن بان ضرباً من جنون ..
هل تسألوني بعد ذلك ، من أكون ، ومن يكون ، هل أنتم حقاً تسألون ؟؟ !!
أجاب عني أحدهم ، فقال :
” لو في يوم يسألون ، من هو إنت ومن تكون ، سأقول أنا لو تعرفون ، من وطن قلبه كبير ” .
اسألوا من عاشروه ، أهله ومن زاوروه ، باختصار عرفوه ، ذا وطن قلبه كبير .
مهما مر من جائحات ، أو ليال مظلمات ، عندنا تصفو الحياة ، والوطن قلبه كبير ” .
ولذا أنا أرى أنه بحبنا جدير ، وأنا من فرط سعادتي به أكاد في سماء المجد أطير .
فأنا أفخر أني لهذا الوطن أنتمي ، وبأرضه أحتمي ، وبِعِزِّه أعتلي ، وعلى ترابه إن تعبت سأرتمي ، فطيبي نفساً يا نفس فيه وارتعي ، وفي رباه تنعمي ، ومن خيراته انعمي … .
ويكفينا ويكفيه فخراً أنه مهبط الوحي ، وأرض الرسالة ، وبه دار البعث ودار الهجرة ، ومنطلق الرحلة التي وصل ركبها أقاصي الأرض ، فمن هنا كانت البداية ..
كما قالها شاعر قبلي ….
” من هنا شق الهدى أكمامه ، وتهادى موكبا في موكب ، وأتى الدنيا فرقت طربا ، وانتشت من عبقه المقتضب ، وتغنت في المروءات التي عرفتها في فتاها العربي ” .
فما أروعه من وطن ، وما أكثر أياديه البيضاء علينا ، وحتى نشعر بقيمته ، ونستحضر جهوده ، ونعترف بدوره وفضله ، علينا أن نلقي نظرة فاحصة وسريعة على الأوطان من حولنا ، ماذا نرى ؟؟؟
هناك من يعاني أبناءه من الفقر والجوع … ، وهناك من تمرد أبناؤه وخرجوا عنه ، وأبَوا له الخضوع ، وهناك من أهلكتهم النزاعات و الحروب ، وانتشرت بينهم الفتن والكروب ،… وغيرها من أنواع المصائب والكروب … .
أنا لا أريد أن أخص وطناً بعينه بالكلام ، ولا أقصد بإشارتي إليهم أي نوع من أنواع الامتهان ، حاشا والله .
فأنا لن أشمت بأحد ، ولن أقلل من شأن أي بلد … .
ولكني بحاجة لهذه المقارنة لأرشد بعض العقول التائهة التي عن طريقها حادت ، فنحن سنسعد بها إن هي عادت ، وبها أيضاً سأقلل من نظرة الضعف والانكسار التي سادت ، وأستبدلها بنظرات حب وثقة وفخر أن بصيرتهم إلى الحق استنارت ، وإن فشلت ، و ( هذا ما أخشاه ) فلهم شأنهم ، فأنا لن أُعَدِّلَ كسرهم ، إن كانت عقولهم مالت ، ومشاعر الانتماء في قلوبهم ماتت ، وإن نجحت ( وهذا ما أرجوه ) ، فهم عماد الوطن ، وعليهم أركانه قامت ، وأياديهم اليضاء ستعطي له من الخير ما استطاعت .
ومعهم فقط سنعيش فرحة هذا اليوم ، ونتشارك حلم الأمس ونظرة اليوم وواقع الغد ، لنقرر معاً ” ماذا يمكن أن نقدم للوطن ، فهو يستحق منا الكثير ، فمالي ونفسي له ..
وكما قال الشاعر ؛
” روحي وما ملكت يداي فداه ، وطني الحبيب ولا أحب سواه ، وطني الذي قد عشت تحت سمائه ، وهو الذي قد عشت فوق ثراه ، منذ الطفولة قد عشقت ربوعه ، إني أحب سهوله ورباه ، وطني الحبيب ، وطني الحبيب ، وهل أحب سواه ؟؟؟ ” .
لا والله لن أحب سواه ، ولا أطيق العيش بغير رباه ، فاحفظه بلداً آمناً ، واصرف عنه كيد الكائدين ، وحقد الحاقدين ، يا الله ، فأنت له الحامي ، ونحن بجهودنا وعزمنا وإصرارنا نرعاه .
دمتِ لنا أرضا غنية ، دمت لنا سماء عليَّه ، دمت لنا يداً سخية ، دمت لنا عيناً نديَّة ، ودمت لنا قلباً نابضاً لا يخشى من سيفداك المنيَّة ، فلك يا وطني أحلى تحية ….