ثمة لحظات لا تغيّر فقط شكل التعليم، بل تعيد تشكيل روحه. تلك اللحظة تحديدًا هي ما تصنعه المملكة اليوم عندما أعلنت وزارة الثقافة بالشراكة مع وزارة التعليم عن ولادة مشروع تربوي فريد أكاديمية الفنون والثقافة. ليس في الأمر نشاطٌ مدرسي عابر بل هو قلب جديد يُضخ في جسد التعليم السعودي ليمنحه شيئًا من الجمال من الحرية من التعبير من الحياة.
في هذه الأكاديمية، لا يُنظر إلى الفنون على أنها مجرد ملحق أو رفاهية بل هي جوهر أساسي في بناء الإنسان ومفتاح لفهم الذات والعالم. الرسم، المسرح، العزف، الغناء… ليست هوايات تُمارس خارج الحصّة بل أدوات صقل للنفس وسبل للتعبير العميق ومساحات للاكتشاف والتواصل.
وتأتي المرحلة الأولى من هذا المشروع الكبير لتستهدف نخبة من طلاب وطالبات المملكة، ممن سيكونون في الصف الرابع الابتدائي وطلاب الصف الأول المتوسط خلال العام الدراسي 1448/1447هـ (2026/2025م). وستُفتتح مدرستان كنموذج أولي لهذا الحلم التربوي واحدة للبنين في العاصمة الرياض (حي النخيل) وأخرى للبنات في مدينة جدة (حي الشراع). وعلى الرغم من أن البداية ستكون محدودة جغرافيًا إلا أن باب التسجيل مفتوح لجميع الطلاب والطالبات من كافة مناطق المملكة عبر رابط التسجيل الموحد مما يؤكد أن الموهبة لا تحدها حدود.
ليست هذه الأكاديمية مجرّد إضافة إلى الخارطة المدرسية بل هي لحظة وعي حقيقية تستشرف المستقبل حيث يُعاد تعريف النجاح فلا يُقاس فقط بالدرجات والحفظ بل يُمنح لأولئك الذين يحلمون ويرسمون وينشدون ويصنعون من الحس والجمال مسارًا للحياة.
إن إطلاق أكاديمية تدمج الفنون بالمقررات الدراسية لا يعني تحديث المحتوى فحسب، بل يعني فتح آفاق جديدة لتعليم يعترف بأن الطفل كيان متكامل، يحتاج إلى التعبير عما في داخله، ويستحق بيئة تتيح له النمو والتميز الفن هنا ليس وسيلة للهروب بل أداة للفهم، وسؤال دائم عن من نحن و كيف نُبدع .
بهذه الخطوة الطموحة تبني المملكة جيلًا يرى المسرح منبرًا للفكر، والريشة لغةً حية، والموسيقى وطنًا آخر، والكلمة هوية أصيلة. جيل لا يختبئ خلف صمت الخوف، بل يفتخر بموهبته وينميها ليكون صوتًا نابضًا في مسيرة الثقافة الوطنية.
ومع كل طالب يُفتح له باب الإبداع، تُفتح أمام الوطن أبواب لا حصر لها فالفنون ليست نهاية بل بداية. . بداية لصناعات ثقافية واقتصادية مزدهرة، وللهوية التي تجمع بين أصالة الماضي وانفتاح المستقبل، ولرواية السعودية الجديدة التي تُحكى بلغة الإبداع وتُصدَّر للعالم بلهجة الموهبة.
للتسجيل والانضمام إلى هذه التجربة التعليمية الفريدة:
engage.moc.gov.sa/cultural-talent
أ. مها الثبيتي
@maha_thobaiti
عضو جمعية إعلاميون