جلستُ في زاوية المقهى المفضل لدي ، احتسي كوب القهوة الذي أصبح طقسًا يوميًا لا استغني عنه، وأمامي دفتر ملاحظاتي المفتوح وقلمي الذي أحركه بلا وعي على الورقة، لكن لم أكتب شيئًا بعد. كنتُ شاردة الذهن، أحاول الإجابة عن سؤال بسيط طُرح علي في مقابلة للوظيفة منذُ عدة أيام: “ما الذي تريدينهُ حقًا؟”
في البداية، ابتسمت ابتسامة بسيطة وأجبت بشكل تقليدي، متحدثة عن طموحاتي المهنية وأهدافي اليومية. لكن بعد انتهاء تلك المقابلة، بقي السؤال يطاردني كظل ثقيل. هل هذه حقًا الإجابة؟ أم أنها كلمات جاهزة اعتدت قولها لتجنب الغوص في أعماق النفس؟!
بدأتُ استعرض ذكريات حياتي. تذكرتُ أيام، حيث كانت أحلام بسيطة: بأن أصبح مقدمة برامج مشهورة، أو مغامرة تسافر إلى كل بقاع الأرض. ومع مرور السنوات، تلاشت تلك الأحلام أمام ضغوط العمل، المسؤوليات، وتوقعات الآخرين.
شعرتُ بشيء من الخوف. كيف لي أن أكون امرأة في هذا العمر، تعيش حياة مليئة بالإنجازات الظاهرة، ولكني عاجزة عن الإجابة على سؤال يبدو بسيطًا؟!
“ما الذي أريده حقًا؟” كتبتُ السؤال في منتصف الصفحة، ثم أسندت ظهري إلى الكرسي وأغمضت عيني. تذكرت لحظات الفرح البسيطة: قراءة رواية وهدوء المساء، ضحكاتي مع صديقاتي دون تفكير في الغد، شعور الحرية عندما ارسم خطوطًا عشوائية على ورقة بيضاء دون أن أقصد شيئًا.
أدركتُ فجأة أن الحياة ليست دائمًا عن تحقيق الأهداف الكبيرة، بل عن إيجاد المعنى في التفاصيل الصغيرة. ما أريده حقًا قد لا يكون جوابًا نهائيًا، بل رحلة مستمرة للبحث عن الذات والتصالح مع ما أحب.
فتحت عيني، وأخذت نفساً عميقاً، وكتبت على الورقة: “أريد أن أكون أنا… بكل بساطة.”
أ. شادية الغامدي
عضو جمعية اعلاميون
@Shadiyah_gh