في زمن السرعة والبحث عن الشهرة السهلة، أصبح بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي يبدعون في اختلاق المواقف الوهمية، فيصورون أنفسهم ضحايا، ويذرفون دموع التماسيح، وينشرون مقاطع مليئة بالاستعطاف والتمثيل، وكل ذلك ليس حبًا في الناس ولا حرصًا على مشاعرهم، بل رغبة في جمع أكبر عدد من المشاهدات وتحقيق (الترند)
أصبحوا يتقنون في المتاجرة بعواطف الناس، فيظهرون أمام الكاميرا بدموعٍ مصطنعة ومشاهد تمثيلية هدفها زيادة التأثير ،بينما الحقيقة مجرد كذب واحتيال على مشاعر البسطاء.
المؤسف أن كثيرًا من الناس، بدافع طيبة القلب وصفاء النية، يصدقون هذه المشاهد الكاذبة، ويغدقون على أصحابها بالدعم والتعاطف والمشاركة، وهم يظنون أنهم يساندون قضية حقيقية أو إنسانًا مظلومًا، بينما في الحقيقة لا يجنون سوى زيادة أرقام هؤلاء المتاجرين بالمشاعر.
إن خطورة هذه الظاهرة لا تقف عند حدود الخداع الفردي، بل تتجاوز ذلك إلى صناعة جيل من المتابعين يخلط بين الصدق والتمثيل، ويصبح أسيرًا لمحتوى سطحي لا يقدم فائدة ولا يضيف قيمة للمجتمع. والأسوأ أن هؤلاء (المهايطة)يساهمون في إضعاف ثقة الناس بالقصص الصادقة والحالات الإنسانية الحقيقية، فحين يختلط الحق بالباطل يصبح الضحية في النهاية إنسانًا محتاجًا صادقًا لم يجد من يصدقه بسبب كثرة المدّعين.
المطلوب اليوم أن نرتقي بوعينا، وألا نسمح لهؤلاء أن يستغلوا طيبتنا. علينا أن ندرك أن ضغطة إعجاب أو إعادة نشر أو متابعة قد تكون هي الوقود الذي يدفعهم للاستمرار في أكاذيبهم. الوعي والمقاطعة هما السلاح الحقيقي لإيقافهم، فالمحتوى الزائف لا يعيش إلا بمتابعين يغذّونه.
فلنكن على قدر من المسؤولية، ولنميز بين الصدق والادعاء، وبين من يقدم قيمة حقيقية ومن يسعى وراء الترند الرخيص. احذروا هؤلاء، وقاطعوهم، ولا تمنحوهم فرصة للمتاجرة بعقولكم ومشاعركم.
د. علي السلامة
tamimi3035T@
عضو جمعية إعلاميون