مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

إيش عند الملك خالد من جهود

27/10/2021

 

غالباً لا يتدخل عميد الكلية و يفرض نفسه رئيساً لمجلس القسم بقوة النظام إلا لأمر مهم يتطلب تدخله. و فـي مسيرتـي العلمية حدث ذلك امتداداً للضوائق التي رافقت مراحل دراستي من ابتدائية الطفولة حتى دكتوراه النضج و ما بعدها من ضوائق .

لقد حصلت أطروحتي للماجستير على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولـى و التوصية بطباعة الرسالة، كما حصلت هذه النتيجة على جائزة المدينة المنورة للنبوغ و التفوق الدراسي. هذا الإنجاز العلمي و إن كان عادياً و يسير في ركب إنجازات المتفوقين الكُثر في بلادنا إلا أنه إنجاز تعرّض لامتحان مؤلم كما تعرّض غيره سابقاً أو لاحقاً من الإنجازات العلمية التي قدّر الله تحقيقها .

و إن كنتُ أتمنى في هذه المرحلة من العمر أن لا أتذكر ما يؤلمني من الماضي إلا أنني مضطر لذكره لأمرين: أولهما أن كل ما تعرّضني من إقصاء في مسيرتـي العلمية لا أفسره إلا بسبب كتابتي عن الوطن سواء كانت هذه الكتابة صحفية أو علمية، فليس بيني و بين أحد صراعات شخصية، و ثانيهما أنني لا زلتُ أعانـي من الإقصاء المتعمد حتى اليوم، و لا زالت تلك النفوس الخبيثة المتخفية تحت ستائر الأنظمة تُواصل قتل الطموح في نفسي .

 

أعود إلى مرحلة الماجستير التي تقدّمت بعنوانها لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعد سنتين من الدراسة النظاميـــــة لمقرّراتها، هذا العنوان الذي عقدتُ العزم أن يكون امتداداً لكتابتي الصحفية الطويلة في مجال جهود المملكة في خدمة الإسلام و الدعوة الإسلامية. فقد سبق لـي قبل دراسة الماجستير و خلال حقبة تتجاوز العشر سنوات أن أكتب في عدد من الصحف في هذا المجال. وكعُرف علمي بدأتُ من حيث انتهى الآخرون و أخترتُ دراسة (الدعوة الإسلامية في عهد الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله)، و هو عهدٌ امتد لسبع سنوات استجدت فيه أحداث و متغيرات عالمية، و كان للمملكة فيه إنجازات و مواقف تستحق الدراسة حيث لم تتطرق إليها الدراسات العلمية التي تناولت العهود السابقة، و حين أنجزتُ المخطط العلمي لهذه الدراسة توقّف هذا المخطط في مجلس القسم لعدم موافقة رئيس القسم على إقراره مع مجموعة من أعضاء مجلس القسم من المتعاقدين و غيرهم من غير ذوي التخصص العلمي الدقيق المنحازين لرغبة رئيس القسم، و يتم الرفض بدون ذكر أي مبررات علمية لمجلس الكلية الذي يعيد المخطط كل مرة لمجلس القسم فإما رفض المخطط العلمي لمبررات علمية مقنعة أو إقراره. استمرت هذه الإجراءات بين مجلس القسم و مجلس الكلية سنوات كنتُ فيها متحيّراً مذهولاً من ضياع الوقت بلا سبب؛ و قد نسيتُ الكثير من أحداث تلك الفترة إلا أنني لا زلتُ أتذكر أثناء مراجعتي المتكررة للكلية كلمة قالها رئيس القسم آنذاك حين نهرنـي قائلاً :(إيش عنده الملك خالد من جهود)!! آلمتني هذه الكلمة لكنني حملتها على عدم الإلمام بالتخصص و عدم فحص الخطة من رئيس القسم إلا أن الإقصاء المتكرر بعد ذلك علّمني أنني أمام فكر إيديولوجي شديد العداء للوطن؛ هذا الفكر الذي يرى الوطن يتعارض مع (الخلافة) المزعومة التي يخططون لقيامها في خيالاتهم و أوهامهم فقط .

لم يكن لدي في ذلك الوقت علم كافٍ باختراق مؤسساتنا العلمية من أصحاب الأفكار الدخيلة على مجتمعنا الشاذة عن عقيدتنا و شريعتنا و طبيعة شعبنا، و كان كل ما لدي و أفكّر به هو التفوق الدراسي و اللحاق بركب النجباء من أبناء الوطن .

و بعد الكثير من الخوف على إنهاء دراستي في هذه المرحلة بانتهاء الفترة المقرّرة لها. يأتـي الفرج من الله كالعادة التي تعودتُ عليها منذ طفولتـي بتدخل رجل من رجالات الوطن الأوفياء الأستاذ الدكتور معيض بن مساعد العوفـي و كان ذلك الوقت عميداً للكلية ليفرض نفسه رئيساً لمجلس القسم بقوة النظام أثناء النظر النهائي في مخطط دراستي، و بوجود رئيس القسم، ليقر المجلس برئاسة عميد الكلية المخطط العلمي عن دراسة الدعوة الإسلامية في عهد الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله. لأنتهي من الدراسة بعد تأخر سنوات دون سبب يدعو إلى ذلك؛ و تحصل الدراسة على النتيجة المشرفة في جلسة مناقشة حضرها عميد الكلية و لم يحضرها رئيس القسم  .

و يستحق الدكتور معيض العوفي أن تحتفظ الذاكرة بموقفه العلمي و الوطني كما احتفظت الذاكرة بالكثير من رجالات الوطن الأوفياء، و يظل الدكتور معيض نهراً زاخراً و علماً من أعلام اللغة العربية مُحقِّقاً في تراثها العلمي و مُؤلِّفاً لعشرات الكتب في مجالها، و للدكتور العوفي المشاركات العديدة في المؤتمرات العلمية في القرآن الكريم و اللغة العربية، و يعمل لسنوات طويلة مستشاراً متفرغاً في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة  .

 

و إنني إذ أذكر بعض المواقف التي تختزنها الذاكرة  لا أقصد من ذلك إلا محاولة وضع أيدي المسؤولين و أصحاب القرار في بلادنا على مواطن الخلل؛ لأن كل أنظمة المملكة بدءاً من النظام الأساسي للحكم لا يوجد بها إلا ما ينفع المواطن و يُحقّق نجاحه و تفوقه و سعادته؛ و لا شك أن أي إعاقة لطموح أي مواطن أو مواطنة بلا مبرر من أي مؤسسة أو أي فرد هو تصرّف مخالف للأنظمة بالمملكة، فكما أنه لا عقوبة إلا بنص شرعي أو نظامي؛  فإنه لا حرمان من منفعة للإنسان إلا بنص شرعي أو نظامي.

و إن حرمان أي مواطن أو مواطنة من حق مكتسب لهو جريمة في حق الوطن الذي يحيا بمواطنيه و يحيون به .

و من فضل الله على المملكة أنها وضعت اللبنات الأولـى لتحولها الوطني نحو رؤيتها 2030 ‪ما يُنبىء بمستقبل زاهر بإذن الله سيجد فيه المواطن و المواطنة ما يُمكّنهم من خدمة بلادهم، دون أن تعترضهم تلك الأشباح المخيفة التي كانت تظهر قبل ذلك لقتل طموحاتهم و آمالهم و تعقيم الطموح في نفوسهم لا لذنب فعله المواطن  بل خدمة من أؤلئك الأشباح القذرة لمكوّنهم  الأيديولوجي المتطرّف الذي لا ينال إلا من المواطن الضعيف كيداً في الوطن الأشم الذي تتحطم أمامه رؤوسهم 

@alsuhaimi_ksa

 

الناشر صحيفة مكة

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop