الثورة الاتصالية التي يشهدها الإعلام انعكست على حياة الناس في كل تفاصيلها: العمالية والمالية، والاجتماعية، والتعليمية والصحية، والنفسية، وحققت لهم قفزات هائلة، ووفرت لهم الجهد والوقت.
وتعتبر مكاسب هذه الثورة الاتصالية “الرقمنة” عظيمة وتتعاظم وتتضاعف مع الوقت، وهذه جوانب محمودة وإيجابية ويمكن توظيفها لتحقيق أفضل النتائج الممكنة لجودة الحياة، وانعكاسها على رفاهية الإنسان.
ولكن الوجه الآخر لهذه الثورة الاتصالية والتكنولوجية أو “الرقمنة” اختصارًا، هو وجود جوانب سلبية، قد تعرض الناس لخسائر كبيرة على كل المستويات، من خلال الممارسات الخاطئة والإجرامية، التي يستغلها أي مجرم، لإلحاق أضرار جسيمة بمن يستخدم هذه التقنيات على أي مستوى.
وقد يتسبب استخدام التكنولوجيا في أمراض ومشاكل اجتماعية ونفسية، ولذلك لابد من إحسان إدارتها واستخدامها، وأن يتطور المستخدمون لكي يستثمرونها أفضل استثمار، ويتجنبون خاطرها، ومخاطر من يستغلها بشكل مؤذٍ.
ومن المكاسب العظيمة أن المملكة حكومةً وشعبًا متطورون تقنيًّا، ولديهم تعليمًا متقدمًا في هذه الجوانب، وأكبر دليل أن السعودية قفزت (25) مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية عام 2024، لتكون ضمن مجموعة الدول الرائدة على مستوى العالم، وحققت المركز (الرابع) عالميًّا و(الأول) إقليميًّا، و(الثاني) على مستوى دول مجموعة العشرين في مؤشر الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى تحقيق المركز (السابع) في مؤشر المشاركة الإلكترونية. كما حققت مدينة الرياض المركز (الثالث) من بين (193) مدينة حول العالم.
تولي المملكة القطاع التكنولوجي، اهتمامًا كبيرًا كونه الداعم الرئيس في رؤية 2030 المستقبلية، التي تبنتها المملكة, و تهدف إلى تحقيق تحول رقمي شامل في مختلف جوانب المجتمع, و هو الأمر الذي أصبح توجهًا عالميًّا يعكس التطور في مجالات الحياة كافة، خاصة الاقتصادية منها، حيث يقدر حجم سوق التجارة الإلكترونية في المملكة بنحو 17.1 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 20% خلال السنوات الخمس المقبلة.
لذلك يحق لنا أن نفتخر بأننا شعب تكنولوجي لحد كبير، ونسبة من يستخدمون التقنية في حياتهم يمثلون الأغلبية في المملكة، وستتزايد هذه النسبة مع الوقت بإذن الله، ويكفينا فخرًا “منصة ابشر” وارتباطها بحياة السعوديين والمقيمين بشكل يومي، وغيرها الكثير من المنصات والتعاملات الرقمية اللا منتهية.
لذلك علينا استثمار هذا التطور الرقمي الكبير فيما يحقق لنا الرفاهية والخير، والحذر كل الحذر من مخاطر هذه الرقمنة ونشر الوعي بهذه المخاطر، وأن لا نقع ضحية لها، قدر ما نستطيع.
د. سعود الغربي
مؤسس ورئيس جمعية إعلاميون
@S_F_Algharbi