مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

الأثار الإقليمية للحرب الإسرائيلية الإيرانية؟

 

في ظل التصعيد المتسارع بين إسرائيل وإيران، تزداد التساؤلات حول مدى تأثر الدول المجاورة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي وإن كانت لا تتشارك حدودًا مباشرة مع طرفي النزاع، إلا أنها تقع جغرافيًا في قلب منطقة الشرق الأوسط المتوترة، وتلعب دورًا محوريًا في التوازنات السياسية والاقتصادية الإقليمية.

•⁠ ⁠محور جغرافي ودبلوماسي

تمتلك المملكة علاقات استراتيجية متينة مع الولايات المتحدة، الحليف الأبرز لإسرائيل، كما أنها دخلت مؤخرًا في مرحلة جديدة من التهدئة مع إيران، توجت باتفاق مصالحة في بكين عام 2023. هذا الموقع المزدوج يجعلها في مرمى الضغوط الدولية من جهة، ويمنحها قدرة على لعب دور الوسيط السياسي من جهة أخرى، خاصة في ظل تزايد الحديث عن ضرورة تبريد الساحة الإقليمية.

مؤشرات التأثيرات المحتملة
رغم أن المملكة لم تُذكر ضمن أهداف مباشرة في أي تصريح أو تهديد حتى الآن، إلا أن القراءة الواقعية للمشهد تضع احتمالات يجب عدم إغفالها:

•⁠ ⁠الجبهة الجنوبية: خطر التحالف

يُعد استغلال الجماعات المتحالفة مع إيران، كالحوثيين في اليمن، من أبرز السيناريوهات المتوقعة في حال اشتعلت الحرب. تاريخ هذه الجماعة في استهداف أراضي المملكة بالصواريخ والطائرات المسيّرة يُظهر أنها قد تستخدم أي صراع إقليمي واسع كذريعة لتجديد التصعيد، خاصة في مناطق الجنوب.

•⁠ ⁠سوق الطاقة والاقتصاد العالمي

أي اضطراب في مياه الخليج أو مضيق هرمز، أو حتى مجرد التلويح بالحرب الشاملة، من شأنه أن يُحدث خللًا في أسواق النفط العالمية. المملكة، بصفتها أحد أكبر منتجي النفط في العالم، ستتأثر حتمًا سواء من حيث تقلبات الأسعار، أو الضغط على سلاسل التوريد، أو انخفاض مؤقت في الاستقرار الاستثماري، لا سيما في ظل ترقب الأسواق لأي تغيير.

•⁠ ⁠ضغوط دولية ومحلية

مع تصاعد الأصوات الدولية الداعية لوقف التصعيد، قد تتعرض المملكة لضغوط مباشرة للعب دور وساطة أو تبني موقف سياسي واضح تجاه أحد الطرفين. هذه الضغوط تتطلب قدرًا كبيرًا من المرونة السياسية، دون الإخلال بمبدأ الحياد الاستراتيجي الذي تتبناه الرياض في المرحلة الحالية.

•⁠ ⁠الأثر الاجتماعي والإعلامي

لا يقل الأثر النفسي أهمية عن الجوانب السياسية والاقتصادية. فمع تضخم التغطية الإعلامية، وتداول الشائعات، وارتفاع معدلات القلق الشعبي، تتأثر ثقة المجتمع العام بمفهوم الأمان والاستقرار، خاصة في ظل ذاكرة المنطقة المثقلة بالحروب والأزمات. الحفاظ على الجبهة الداخلية الصلبة يتطلب تواصلًا فعالًا، وشفافية رسمية، ومراقبة دقيقة للمحتوى المتداول.

السعودية اليوم ليست مجرد مراقب، بل فاعل إقليمي يعرف متى يصمت ومتى يتكلم. لا يمكن الجزم بتأثرها المباشر، لكن التعقيد الجيوسياسي في المنطقة يجعل الحذر واجبًا، والاستعداد فرضًا، والتهدئة أولوية. ومن هنا، قد تجد المملكة نفسها في موقف تاريخي لتفعيل دبلوماسيتها الهادئة، وتحويل موقعها الجغرافي إلى مساحة نفوذ وسلام بدلًا من ساحة صراع.

في الختام يُثبت التاريخ أن الحروب الكبرى لا تقتصر على ساحات المعارك، بل تمتد بتأثيرها إلى الاقتصاد، والسياسة، والمجتمع. وفي ظل عالم شديد الترابط، فإن الحكمة السعودية تكمن اليوم في القراءة الدقيقة لما بين السطور، والموازنة بين الحياد والتأثير، وبين الوقاية والمبادرة.

 

أ. شادية الغامدي
@shadiyah_gh
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop