يُعد الإعلام من أقوى الأدوات التي تشكّل وعي المجتمع وتؤثر في سلوكيات أفراده اليومية. ومع هذا التأثير الكبير تأتي مسؤولية ضخمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالصحة النفسية للأفراد. فالمحتوى الإعلامي، سواء في الأخبار، البرامج، أو وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يكون له أثر إيجابي أو سلبي على الحالة النفسية للمجتمع.
يمكن للإعلام أن يدعم الصحة النفسية من خلال تقديم محتوى توعوي يعزز الوعي النفسي، ويشجع على تبني سلوكيات صحية، ويقلل من وصمة الأمراض النفسية. الحملات الإعلامية، مثل تلك التي تركز على التعامل مع التوتر والقلق أو تقديم نصائح للتوازن النفسي، تساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وقادرًا على مواجهة الضغوط اليومية. كما أن عرض قصص نجاح لأشخاص تغلبوا على تحديات نفسية يمنح الأمل ويحفز الآخرين على طلب المساعدة عند الحاجة.
على الجانب الآخر، يمكن للمحتوى السلبي أن يزيد من مستويات القلق والتوتر وحتى الاكتئاب، خصوصًا عند التعرض المستمر للأخبار المأساوية أو التعليقات المؤذية على وسائل التواصل. كذلك، المعلومات المضللة أو المحتوى الذي يحط من قدر النفسية الجماعية قد يفاقم المشاكل النفسية، خصوصًا بين الفئات الحساسة مثل الشباب والمراهقين.
من هنا، تصبح مسؤولية الإعلاميين والمعنيين أكبر من أي وقت مضى. فالالتزام بإنتاج محتوى مسؤول يعتمد على مصادر موثوقة ويأخذ في الاعتبار الأثر النفسي على الجمهور، يسهم في بناء مجتمع صحي نفسيًا ومجهز لمواجهة تحديات الحياة بثقة ووعي. كما أن التعاون بين الإعلام والجهات المختصة بالصحة النفسية لتصميم حملات إعلامية فعّالة، يعزز من قدرة المجتمع على الاهتمام بصحته النفسية والعقلية بشكل مستدام.
الإعلام، إذا أُحسن استخدامه، يمكن أن يكون قوة إيجابية جبارة لدعم الصحة النفسية، ويشكل أداة للتغيير الإيجابي، ليس فقط على مستوى الأفراد، بل على مستوى المجتمع بأكمله.
أ. خيرية حتاته
Khairiah_Writes
عضو جمعية إعلاميون