مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

“التغافل”.. لغة صمت تهذّب المشاعر؟

فنّ التغافل… هو أن تترك المعارك الصغيرة لتنقذ روحك من الانكسار
كلُّ تفصيلةٍ في الحياة تريد أن تستهلكك كلُّ كلمةٍ ناقصة كلُّ نظرةٍ مائلة كلُّ موقفٍ عابر لو التقطتَها كلّها ستتحوّل روحك إلى ساحة حربٍ لا تهدأ.

التغافل ليس ضعفًا بل هو قُوّة العارف أن الزمن أغلى من أن يُهدر في شقوق الجدران، هو أن تفهم أن العقل مثل كأسٍ ممتلئ فإذا صببت فيه كلَّ ما تسمع وترى، فاض بالهمّ وتكسّر.
حين تتغافل يهدأ قلبك، ينخفض توتّرك، تعود هرموناتك إلى سلامها، ويستعيد جسدك قدرته على الشفاء؛ إنّك في الحقيقة تُطيل عُمر قلبك، وتُمدّد مساحة الأمل في داخلك.

ليس كلُّ ما يُرى يُقال ولا كلُّ ما يُسمع يُعاش، خُذ من الحياة ما يستحقُّ البقاء في قلبك، وألقِ الباقي في نهر التغافل، فالحياة قصيرة والتغافل يطيلها بمعناها، حتى لو لم يزد في سطور عُمرك التغافل، هو الحكمة التي تُعلّمك أن السعادة ليست في انتصارك على الآخرين، بل في انتصارك على ضجيجك الداخلي.

حين تتقن فنّ التغافل تصبح سيّد قلبك قبل أن تكون سيّد الموقف تغفو ضوضاء الانفعال داخلك وتهدأ مشاعرك كما يهدأ البحر بعد العاصفة ليس لأنك ضعفت عن الردّ بل لأنك ارتقيت فوق الحاجة إلى الانتصار في كلّ سجال.

التغافل ليس صمتًا فارغًا بل حوارٌ داخليّ عميق إنّه إصغاء لحواسك وهي تُعيد ترتيب أولويّاتها هو أن تختار الإجابة التي تُشبهك لا الإجابة التي تشبه غضبك.

في التغافل تقرأ أصوات العقول من حولك قبل أن تردّ تفهم دوافعهم تُدرك صمتهم وتعرف متى يكون الكلام جسرًا ومتى يكون هاوية إنّه البصيرة التي تجعل منك فنانًا في إدارة المواقف لأنك لم تعد عبدًا لردّ الفعل بل مالكًا لزمام نفسك.

التغافل ليس تنازلاً بل حكمةٌ عليا تقول لك لستَ مضطرًّا لأن تشرح كلّ شيء ولا أن تردّ على كلّ شيء أحيانًا الصمت هو الجواب الذي لا يحتاج إلى لغة بل إلى قلبٍ كبير.

وحين تصغي للتغافل بكلّ حواسك تكتشف أنّه ليس هروبًا بل قوّة خفيّة تمنحك سكينة لا يعرفها إلّا من تخلّى عن حاجة الصخب.

إن التغافل ليس هروبًا بل ذكاء يحفظ قلبك من ضجيج التفاصيل فاحين تتقن فنّ التغافل تسمع بصمتك ما وراء الكلام وتفهم قبل أن تردّ
ففي التغافل راحة… وفي كل راحة حياة أطول من صخب الجدال
ولتدرك وتعي أن التغافل قوّة ناعمة تصنع منك سيد الموقف بلا معركة.

 

 

أ. هناء الخويلدي
‏@Hana69330082
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop