مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

التوريق العقاري .. والاستقرار الاجتماعي

أعلنت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، عن إطلاق أول عملية إصدار أوراق مالية مدعومة بالتمويلات العقارية السكنية، وهي مبادرة قد تبدو معقدة في ظاهرها، لكنها في حقيقتها خطوة مفصلية تعيد رسم العلاقة بين المواطن الذي يحلم بامتلاك منزل، والبنك الذي يموله، والسوق المالي الذي يبحث عن أدوات استثمارية أكثر تنوعاً.
‏فالفكرة هي أن آلاف القروض العقارية الممنوحة للأسر السعودية تمثل أصولاً حقيقية لكنها مجمدة على مدى عقود، إذ تظل قيمتها محبوسة حتى يسددها أصحابها أقساطاً عبر سنوات طويلة؛ لذلك لا تستطيع البنوك التي منحت هذه القروض الاستفادة منها سريعاً.
‏ومن هنا يأتي التوريق ليحوّل هذه القروض إلى أوراق مالية قابلة للتداول، تباع للمستثمرين مقابل عوائد ثابتة من الأقساط، بينما يحصل البنك على سيولة فورية تمكنه من تمويل أسر جديدة.
‏انعكاس هذه الخطوة على المواطن مباشر وواضح؛ فزيادة سيولة البنوك تعني زيادة قدرتها على منح قروض بشروط أفضل وأسعار أكثر تنافسية، وهو ما يفتح أبواب التملك لشرائح أوسع. وهكذا لا يقتصر التوريق على كونه عملية مالية تقنية، بل يمتد ليصبح أداة اجتماعية تدعم أحد أبرز أهداف رؤية 2030 وهي رفع نسبة تملك المنازل إلى 70%.
‏ومن زاوية أخرى، يمثل التوريق العقاري نقلة في السوق المالي السعودي، بإضافة فئة جديدة من الأصول الاستثمارية على غرار ما هو معمول به في الأسواق العالمية الكبرى.
‏هذا الإنجاز يجعل المملكة منتجاً للأدوات المالية لا مستهلكاً لها فقط، الأمر الذي يعزز جاذبية السوق أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويعمّق قدرته على تمويل النمو الاقتصادي من خلال مصادر دخل أكثر تنوعًا واستدامة.
‏إنّ البيت السعودي الذي كان عبارة عن جدران وسقف، أصبح اليوم أصلاً استثمارياً يساهم في تمويل غيره من البيوت. إنها لحظة يلتقي فيها الحلم الفردي بامتلاك مسكن مع الطموح الوطني في تنويع الاقتصاد وتعزيز توازنه. وهذا التحول يؤكد أن الاستقرار الاجتماعي والمالي هما أساساً مشتركاً يُبنى عليه اقتصاد المستقبل.

 

د. سطام ال سعد
‏@Sattam_Alsaad
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop