حين يتحدث الإعلام الوطني بلغة الميدان، وتُترجم الحروف إلى وقائع حيّة تُوثّق جهود الوطن في خدمة ضيوف الرحمن، فاعلم أننا أمام مشهد استثنائي تُبدع فيه الكلمة، وتنتصر فيه العدسة، وينهض فيه الضمير المهني عاليًا كراية لا تنكسر.
ما قدّمته جمعية إعلاميون في هذا التقرير الصحفي الموسّع عن تغطيتهم المهنية لموسم الحج 1446هـ / 2025م ليس مجرد استعراض رقمي لإنجازات أو سرد إحصائي لمشاركات، بل هو توثيق بصري وكتابي عميق لجهود إعلامية وطنية صدحت من قلب المشاعر المقدسة، وخاطبت الداخل والخارج بلغات متعددة، ورسائل واعية، وتوثيق حيوي يتجاوز اللحظة ليبقى في ذاكرة الوطن والتاريخ.
الملف الذي صدر عن الجمعية – ويزخر بالمقالات، والصور، والبوسـترات، والإحصاءات، وأسماء فرسان الكلمة والعدسة – يعكس حجم العمل المؤسسي الجاد الذي تتبناه الجمعية، ويعكس أيضًا فهماً ناضجًا لدور الإعلام المهني المسؤول، في زمن تزدحم فيه المنصات، وتتشابك فيه الخطابات، ويضيع أحيانًا صوت الحقيقة خلف ضجيج السطحيات.
إن الجمعية – بقيادتها وفريقها الميداني – استطاعت أن تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الإعلام السعودي اليوم لم يعد رديفًا، بل شريكًا أساسيًا في إدارة المشهد الوطني، قادرًا على الرصد، والتحليل، والتوثيق، بل والمساهمة في بناء الثقة المجتمعية داخليًا وخارجيًا.
ويكفي أن نُلقي نظرة على تنوع محتوى التقرير من مقالات تحليلية وميدانية، مرورًا بعدد المشاركات، وأداء الفريق، إلى جودة المادة المنشورة، لنكتشف أننا أمام منظومة عمل إعلامي مهنية ناضجة، تدرك أمانة الكلمة وقدسية الحدث، وتُقدّم بذلك نموذجًا يُحتذى به في تغطية المناسبات الوطنية الكبرى.
واللافت في هذا العمل أيضًا هو تكامل الأدوار؛ فكل عضو في الفريق – من الكاتب إلى المصوّر، ومن المحرّر إلى المُنسّق – قدّم بصمته الخاصة بإخلاص واحتراف، في مشهد يشبه السيمفونية المتكاملة، لا نشاز فيه، ولا اجتهاد فردي متعجرف، بل فريق يعمل بروح واحدة تحت راية “الوطن أولًا”.
ولا يمكن إغفال البُعد القيمي الذي حمله التقرير، حين اقترن الإعلام بمفهوم الطمأنينة، والتيسير، والخدمة، والحج الآمن، وهي قيم إنسانية تُجسّد جوهر الرسالة السعودية في خدمة ضيوف بيت الله الحرام، وتنقل للعالم الصورة المشرقة للحضارة الإسلامية حين تلتقي بالرؤية المؤسسية، والقدرات التنظيمية.
ختامًا، شكري الكبير وتقديري العميق لجمعية إعلاميون، على هذا العمل المهني النقي، المكلل بالشغف والالتزام، والذي لا يمثل فقط توثيقًا لموسم ناجح، بل يُعد وثيقةً حضارية تضاف إلى سجل الإنجازات السعودية في خدمة الحرمين الشريفين، ومصدر فخر لكل إعلامي سعودي.
وإلى كل فرد ساهم في هذا الملف، أقول:
أنتم لا تنقلون الحدث فحسب… أنتم تصنعون التاريخ، وتؤرّخون لحضارة، وتكتبون بمداد الوفاء قصة وطنٍ يُحسن استقبال ضيوف الرحمن كما يُحسن رواية قصته للعالم.
د. أحمد الثقفي
@ahmadjeddah1440
مستشار إعلامي