مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

الدهشة الأولى ..

28/04/2025

تلك اللحظة التي يفتح فيها الطفل عينيه على العالم، ليس ليراه، بل ليشعر به للمرة الأولى.
إنه العمر المنسي، الذي سماه أحمد الشقيري في برنامجه “سين”، وقدّم حلقات عنه، وهو من الولادة حتى الخامسة، حيث تُزرع البذور الأولى للدهشة: دهشة الضوء، دهشة الأصوات، دهشة اللمس… دهشة أن يرى الطفل وجه أمه فيشعر بالأمان، يسمع صوتها فيطمئن، يلمس يديها فيبتسم. كل شيء بسيط، لكنه معجزة.

ربما أنا وأنتم لا نتذكر دهشتنا الأولى، لكننا نحمل آثارها في أرواحنا. الطريقة التي نخاف بها، نحب بها، نثق أو لا نثق، كلها تبدأ هناك… في ذلك الزمن الذي لا يُكتب في كتب السيرة، لكنه يُكتب فينا إلى الأبد.

إنها مرحلة لا تُعطى حقها كثيرًا. نمرّ بها سريعًا، ثم نبدأ نعلّم الطفل كيف يتكلم، كيف يمشي، كيف يتصرف. لكننا ننسى أن نترك له مساحة ليَندهش، ليكتشف العالم بطريقته، لا بطريقتنا. نريد أن نعلّمه كل شيء، ولا نسمح له أن يشعر بكل شيء.

الدهشة الأولى، وسنوات العمر من الولادة حتى الخامسة، تصنع الإنسان، فهي الجذور والأساس لسنوات العمر اللاحقة. ربما لا نتذكرها، لكنها ذكرى باقية في أعماقنا.

ومع الأسف، في العصر الرقمي المتسارع، صار من السهل أن نُلهي الطفل بشاشة تلمع، أو لعبة تُصدر أصواتًا… لكن الأصعب – والأجمل – أن نمنحه دهشة ورقة تتطاير في الريح، أو ظل شجرة على الحائط، أو قطرة ماء تسقط على كفه. هناك، في البساطة، تنبت أولى بذور الإدراك، وتولد أرقى لحظات الطفولة: الدهشة.

فلنمهل أطفالنا قليلاً… ولنمنحهم دهشتهم الأولى، لأنها، وإن كانت قصيرة، تدوم فيهم عمرًا كاملاً.

 

 

أ. حصة القبلان
‏@h66227662
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop