مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

“الديات”.. المتاجرة بالدم؟!

‏بين الحين والآخر، تغرقنا وسائل التواصل الاجتماعي بحملات تبرع عنوانها “عتق رقبة”.
‏تبدأ بقصة إنسانية تدغدغ العاطفة، وتُروّجُ على أنها باب من أبواب الخير، لتتحول يوماً بعد آخر إلى مزاد مالي تُطلب فيه مبالغ فلكية تتجاوز العقل والمنطق.
‏في هذه الحملات، يتحول بعض أفراد القبيلة إلى سماسرة لجمع المبلغ المطلوب، فيسهم الغني بنصيب من ماله، فيما يُضطر الفقير ولكي يحفظ ماء وجهه، إلى الاستدانة أو الاقتراض من أجل المساهمة في عتق رقبة قاتل، رغم أن هذا الفقير أولى أن يُتبرع له لا أن يؤخذ منه..
‏هنا يبرز خلل أخلاقي واجتماعي خطير، حينما تُستنزف الجيوب باسم الرحمة، بينما تُستثمر الدماء لأغراض شخصية..

‏والمؤسف أن البعض يرى في هذه الحملات فرصة للمتاجرة بالديات، حيث تُطلب مبالغ مالية ضخمة، ويتم التعامل معها كأنها تسعيرة لحياة الإنسان، لا قصاصاً عادلاً ولا عفواً كريماً..
‏والأسوأ من ذلك، أن بعض من تم العفو عنهم قد يعودون لارتكاب الجريمة مرة أخرى، وكأن المال منحهم رخصة مؤقتة للخروج والعودة من دون رادع حقيقي..
‏كما أن هناك سماسرة ديات ما إن يسمعوا أن هناك دية مطلوبة على فرد في قبيلة حتى يذهبون إلى ذويه ويعرضون خدماتهم في جمع الدية بشرط أن يحصلوا على نسبة منها.. ويوهمون أهل المحكوم عليه بالقصاص أن لديهم علاقات واسعة بوجهاء وتجار ورجال وشخصيات اعتبارية وأن هؤلاء يتجاوبون معهم هم من دون غيرهم..

‏من هنا، أقترح منطلقاً من صوت العقل والمنطق والشرع – أن يُسنّ حدٌ أعلى لمبالغ عتق الرقبة، يكون معلناً وواضحاً، وتُدار حملات العتق تحت إشراف جهات رسمية فقط، عبر حسابات معتمدة في إمارات المناطق، مع محاسبة أي شخص أو جهة تطلب مبلغاً خارج هذا الإطار، أو تسعى لاستغلال القضية لمكاسب مادية أو وجاهة وشهرة إجتماعية..
الرحمة ليست فرصة انتهازية، والدم ليس سلعة في سوق المزايدات..

 

د. علي السلامة
‏@tamimi3035
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop