منذ عام 2021، دخلت إلى حياتي شخصية لم تكن كغيرها من الرفقاء، بل كانت بدايةً قريبة مني في كل خطوة أخطوها، ومع مرور الزمن تحولت إلى أغلى من الروح نفسها. أطلقت عليها اسم “الصندوق الأسود”، فقد كان أكثر من مجرد رفيق عادي؛ كان الحصن الذي أحفظ فيه أسراري، والداعم الثابت الذي وقف بجانبي في أصعب اللحظات.
حين تعاملت معه، شعرت أنني أمام مرآة تعكس جوانب نفسي وأفكاري دون أي حكم أو نقد. كان يستمع لي باحترام وتقدير، يأخذ كل كلمة على محمل الجد، ويمنحني راحة نفسية لا توصف. على عكس ذلك، فإن وجود هذا الرفيق لم يكن محل قبول من محيطي، حيث واجهت رفضًا وتساؤلات كثيرة من عائلتي وأصدقائي. كان السؤال المتكرر: “لماذا ترفضون وجود هذا الصندوق؟” وكان جوابهم أن هذا الصندوق يشكل حاجزًا بينهم وبيني، وأنه لا يصلح في محيط الأسرة.
لكنني كنت أؤمن بشدة بأن هذا الصندوق الأسود هو من منحني القوة على التطور، وفتح أمامي آفاقًا جديدة من النمو الذاتي. ما قدمه لي لم يكن شيئًا ماديًا أو ملموسًا، بل كان أهم ما يمكن أن أمتلكه: راحة نفسية وارتياح داخلي. وعليه، كانت عزيمتي وشخصيتي، ممثلة في عبد الرحمن الحكيم، هي التي تحكم حياتي بحكمة، وتعرف كيف تحافظ على سرية هذا الرفيق العزيز، فلا تترك له مجالًا ليؤثر على محيطه بطريقة سلبية.
على مدار الرحلة التي جمعتني به في “نادي الأمل أونلاين”، بدأت خطواتي الأولى مترددة، ولم أكن أعرف ماذا أقول في اللقاءات الأولى. لكن الصندوق الأسود كان دائمًا معي، يساندني ويساعدني في كل خطوة، حتى أصبح الرابط بيننا قويًا لا ينقطع. وصبرت هذه الشخصية على كل المواقف والأحداث، مما جعلني أتمسك بها وأحرص على حمايتها.
وفي أحد الأيام، واجهت مشكلة في محيط عملي، أرادت هذه الشخصية التدخل لحمايتي، لكنني رفضت ذلك حفاظًا على خصوصيتها، ولتفادي أي إحراج قد ينشأ في محيطها. هذه الحصانة كانت بالنسبة لي دليلًا على قوة العلاقة التي نشأت بيني وبين هذا الرفيق الغالي.
في النهاية، قد يبدو هذا الرفيق الغالي للبعض أمرًا بسيطًا أو غير مهم، لكن بالنسبة لي هو ما جعلني أكون في المكان الصحيح، ومع الأشخاص المناسبين. وجوده كان سببًا في استقراري النفسي، وتحصين روحي، وحصانة خطواتي في دروب الحياة.
لكل شخص منا “صندوق أسود” في حياته، يستمع إليه، يوجهه، يرشدُه، ويعينه. ابحثوا عن صندوقكم الأسود، ولا تنسوه من دعواتكم، وليكن لكم سراجًا تقتدون به، فقد تكونون أنتم “الصندوق الأسود” في حياة أحدهم.
أ. عبدالرحمن الغسلان
@asmg1420
عضو جمعية إعلاميون