في لحظة مفصلية، قرر مجلس الوزراء السعودي أن يفتح بابًا جديدًا لعالم الاستثمار العقاري، نظام يسمح لغير السعوديين بتملك العقار في المملكة، خطوة قد تبدو للبعض مجرد إجراء قانوني، لكنها في حقيقتها مفتاح لعصر جديد من الفرص والتحديات والازدهار. هذا القرار ليس مجرد رقم أو بند في لائحة، بل هو إعلان أن السعودية تنشد المستقبل وتؤمن أن الانفتاح الذكي هو طريقها نحو اقتصاد أكثر قوة ومرونة.
تخيل سوق العقار السعودي كما لو كان حديقة غنية تحتاج إلى مياه جديدة تنعش تربتها، وهنا يأتي الاستثمار الأجنبي ليكون هذه المياه، يضيف حيوية وينتج نموًا متجددًا، ويمنح السوق دفعة حقيقية في زيادة المعروض العقاري الذي لطالما كان أحد تحدياتنا الكبرى. النظام لا يفتح الأبواب على مصراعيها، بل يحدد بدقة مناطق تملك غير السعوديين، خاصة في الرياض وجدة، مع احترام عميق للمدن المقدسة، مكة والمدينة، حيث لا مجال إلا للتقدير والاحترام. هذا التنظيم الحكيم يعكس فهمًا عميقًا لتوازن المصالح بين دعم الاقتصاد وحماية الهوية.
الأمر لا يقتصر على مجرد تملك عقار، بل هو جزء من رؤية أكبر، رؤية تجعل من المملكة مركز جذب للمستثمرين والمطورين من مختلف أنحاء العالم، وفي الوقت ذاته تحمي حقوق المواطن السعودي وتعزز من استقرار السوق. إنها دعوة للتعاون والتكامل الاقتصادي، حيث تتماشى هذه الخطوة مع نظام الإقامة المميزة وغيرها من الأنظمة التي تمنح مزايا استثنائية لغير السعوديين.
ما يميز هذا النظام هو أنه ليس قرارًا يُفرض فجأة، بل رحلة شفافة تبدأ بطرح اللائحة التنفيذية على منصة “استطلاع”، ليشارك الجميع – مواطنين ومستثمرين – في صناعة مستقبل السوق العقاري، مع بداية تنفيذ فعلي في يناير 2026. هذه المرونة تضمن أن يكون التطبيق مدروسًا ومدعومًا بفهم شامل لكل التفاصيل.
في النهاية، هذا النظام هو أكثر من مجرد قانون، إنه رسالة تقول إن السعودية مستعدة للعالم، مستعدة لاستقبال الفرص الجديدة بحكمة ووعي، قادرة على مزج الأصالة بالتجديد، والحفاظ على هويتها بينما تبني اقتصادًا نابضًا بالحياة. قرار تملك غير السعوديين للعقار هو فصل جديد في قصة المملكة، قصة نجاح لا تتوقف عند حدود الحاضر، بل تمتد إلى أفق المستقبل الواعد.
أ. سعيد الأحمري
@Historian2080
عضو جمعية إعلاميون