مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

الصمت.. “مساحة للحقيقة”

20/01/2025

في قرية صغيرة محاطة بالجبال، عاش رجل يُدعى حكيم، عُرف بين أهل القرية بصمته وهدوئه. كان الجميع يلجأون إليه وقت الأزمات، رغم أنه لم يكن يتحدث كثيرًا. لم يكن “حكيم” مشهورًا بالحكّمِ التي يقولها، بل بالصمت الذي يمنح السكينة لمن يجلس معه.

في يوم من الأيام، نشب نزاع بين جارين بسبب قطعة أرض صغيرة. تصاعدت الأمور بينهما لدرجة أثارت القلق بين أهل القرية. قرر الأهالي أن يأخذوا الجارين إلى حكيم ليفصل بينهما.

جلس الجميع في ساحة القرية، بينما وقف الجاران أمام “حكيم” يعرضان وجهات نظرهما بصوت عالٍ مليء بالغضب. كان حكيم يستمع بعناية دون أن يُبدي أي تعليق. عندما انتهيا من حديثهما، صمت “حكيم” طويلاً ونظر إلى الجبال البعيدة.

ساد الهدوء المكان، وبدأ الحضور يتململون، لكن الجارين لم يستطيعا تجاهل الصمت. شعر كل منهما بوطأة الزمن وكأن الدقائق تمر كأنها ساعات. فجأة، بدأ أحد الجارين يشعر بالذنب وقال: “ربما كنت قاسيًا قليلاً… يمكننا التفاهم.” رد الجار الآخر: “وأنا أيضًا لم أكن عادلاً.”

ابتسم حكيم بهدوء ونهض من مجلسه وقال: “الصمت يترك مساحة للحقيقة كي تظهر، ويمنح الوقت للنفوس كي تهدأ”، ثم غادر المكان من دون أن ينطق بكلمة أخرى.

منذ ذلك اليوم، أدرك أهل القرية أن الصمت ليس ضعفًا، بل لغة تحمل قوة لا تُضاهى، وعلّمهم “حكيم” أن في بعض الأحيان، الصمت أبلغ من الكلام.

 

 

أ. شادية الغامدي
@shadiyah_gh
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop