عندما نتحدث عن التجارة والأعمال، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو الاسم أو الشعار الذي يميز المشروع عن غيره. هذه العلامة التجارية ليست مجرد رسمة أو كلمة، بل هي هوية تجارية تحمل في طياتها سمعة المشروع وجودته، وتُعد من أهم الأصول غير الملموسة لأي نشاط اقتصادي.
فالعلامة التجارية هي التي ترسخ في ذهن المستهلك، وتجعله يربط المنتج أو الخدمة بالجودة والموثوقية. ولعلنا جميعاً نلاحظ أن المستهلك قد ينسى التفاصيل الفنية للمنتج، لكنه يتذكر العلامة التي يثق بها، ويعيد شراءها مراراً. وهذا يثبت أن العلامة التجارية ليست مجرد وسيلة تعريفية، بل هي قيمة استثمارية قد تفوق في أهميتها الأصول المادية للمشروع.
رغم هذه الأهمية البالغة، إلا أن كثيراً من رواد الأعمال يغفلون عن الخطوة الجوهرية وهي توثيق العلامة التجارية لدى الجهات المختصة، مثل: الهيئة السعودية للملكية الفكرية. هذا التوثيق ليس خياراً إضافياً، بل هو الضمان الوحيد لإثبات ملكية العلامة وحمايتها من أي اعتداء أو تقليد.
لقد شاهدنا في الواقع قصصاً عديدة لأصحاب مشاريع فقدوا حقوقهم التجارية، لأنهم لم يسجلوا علاماتهم منذ البداية، فاستغلها الآخرون وقاموا بتسجيلها بأسمائهم. وفي لحظة، وجد صاحب المشروع الأصلي نفسه بلا هوية تجارية، وخسر جهد سنوات.
ومن هنا، أجد من الضروري التأكيد على أهمية اللجوء إلى أهل الاختصاص من المحامين والمستشارين القانونيين. هؤلاء لديهم الخبرة والمعرفة الكافية بالإجراءات النظامية، ويضمنون لصاحب المشروع أن يتم تسجيل علامته بشكل صحيح، وأن تكون محمية ضد أي نزاع محتمل. فالتصرف دون استشارة قد يؤدي إلى أخطاء شكلية في التسجيل، أو حتى ضياع الحقوق مستقبلاً.
إن العلامة التجارية ليست مجرد شعار تسويقي مؤقت، بل هي استثمار طويل الأمد يبقى مع المشروع في حاضره ومستقبله. وكلما ازداد نشاط الشركة وانتشرت منتجاتها، ارتفعت قيمة علامتها التجارية، لتصبح أحد أهم أسباب نجاحها واستمراريتها.
كلمة أخيرة، رسالتي لكل من يبدأ مشروعاً تجارياً أو صناعياً: اجعلوا حماية علامتكم التجارية أولوية قصوى. لا تنتظروا حتى تكبر مشاريعكم لتفكروا في التوثيق، بل ابدأوا من البداية، وبادروا بالتسجيل بمساعدة أهل الخبرة. فالعلامة التجارية ليست مجرد اسم على ورق، بل هي درع يحمي استثماركم، ويمنحكم الثقة والقوة في سوق مليء بالتحديات والمنافسة.
أ. سهام عماري
@sehamamari
عضو جمعية إعلاميون