ونحن في وطن الخير والنماء، واحة الأمن والأمان، عهد الرخاء والرفاه، نعيش أفراحًا متوالية، مناسبات سعيدة تلو أخرى: فقبل أيام عشنا ذكرى بلوغ العقد الرابع لسمو ولي العهد- حفظه الله-، ثم العرس الوطني “ذكرى اليوم الوطني الخامس والتسعين”.. وها نحن نعيش “الذكرى الحادية عشر لتولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في مملكتنا الحبيبة” ومعها نعيش عصر النهضة التنموية العملاقة التي تعد نقلةً نوعية في تاريخ وطننا الأغر.
هذه النقلة تشكلت من الرؤية المباركة 2030 إذ تحولت المملكة العربية السعودية – بفعل برامجها ومستهدفاتها- بكل اقتدار وجدارة من المحلية إلى العالمية، لتصبح إحدى دول العشرين G20 المنافسة على المراكز الأول في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والصناعية والتقنية، الأمر الذي جعل لها ثقلًا ومكانة عالية؛ ريادة وقيادة، بل جعلها صاحبة قرار ومركز قوة.
واتضح أكثر دور المملكة كدولة عدل وسلام، تسعى لحل النزاعات والقضاء على الخلافات بين الدول، كما لا تدخر وسعًا في مساعدة المتضررين وإغاثة المنكوبين، وإدخال السرور على المحتاجين. زد على ذلك الحضور الدائم والمؤثر في المحافل الدولية والمجالس الأممية، كل ذلك جعل السعودية وقادتها تحظى بتقدير واحترام عالمي.
إن المتتبع لمسيرة الملك سلمان- حفظه الله- ليجد أنها حافلة بالعطاء، بل يعد مدرسةً تخلد ذكراه في الحكمة والقيادة وسداد الرأي، كما إن حياته العلمية والعملية تعد نبراسًا يقتدى، سيما أن خبراته الطويلة والمكتظة بالمسؤوليات المتعددة جعلت منه ديوانًا ذا فصول متعددة في شتى مناحي الحياة، تبعًا للمهام والمناصب التي تولاها أميرًا وحاكما إداريا للرياض في عمر مبكرٍ من حياته لا يتجاوز العشرين ربيعًا، عمل خلالها جنبًا إلى جنب مع أخوانه الملوك؛ كان لهم العون والسند، المستشار وصاحب المهمات الصعبة، إذ ترأّس عددًا من الوفود، وعقد العديد من المباحثات والاتفاقات، فضلًا عن كونه مؤرخ ومثقف ومتحدث لبق .. كما أوليت له مهمة وزارة الدفاع .. ثم ولاية العهد .. إلى أن أصبح ملكًا للمملكة العربية السعودية في 3 ربيع الثاني 1436 هـ، الموافق 23 يناير 2015م.
ما إن تولى الحكم- أيده الله- حتى رأى أن الحاجة ماسة لتجديد هيكلة الدولة وإعادة صياغة منظومة الوزارات والأجهزة الحكومية لتواكب العصر الرقمي الذي لم يعد يعترف بالتقليدية الرتيبة، فكانت رؤية سمو ولي العهد باكورة لذلك التحديث، بل تعد خارطة طريق أضاءت شمعة النور لكل تلك التحولات، بناءً على ما تضمنته من خطط تفصيلية ومستهدفات طموحة، وفقًا لخطة زمنية محددة ومدروسة بعناية، الأمر الذي جعل النتائج تأتي تباعًا وعلى عجل، ليلمس المواطن نقلة نوعية وتحولا سريعا في مختلف المجالات، بل أضحت التقنية سيدة الموقف، بعد التحول للحكومة الرقمية في أتمتة تقانية متفردة، ليجد المستفيد من خلالها خدمة مريحة ومميزة دون أن يكلفه ذلك عناء التنقل أو الانتظار.
كما أسهمت جهود الدولة في محاربة الفساد، الذي يعطل المصالح ويهدر المال العام في استغلالٍ سييء للسلطة، مما أنعكست تلك الجهود في إيجاد حوكمة وشفافية وأداء منضبط وفقًا لمعايير ومؤشرات دقيقة، مما أنعكس على الإتقان وجودة الأداء والتنفيذ بالصورة المطلوبة والمدة المقررة.
ولأن الرؤية تعد خطة استراتيجية تسير بخطى واثقة، فإنها أثمرت عن مشاريع عملاقة، كإنشاء مدنٍ ذات مواصفات عصرية تقانية وصحية تعتمد على الطاقة النظيفة، إذ تعد “نيوم” نموذجًا عصريًا؛ بمكوناتها المتنوعة مثل ذا لاين وأوكساجون وتروجينا وسنداله، ومشروع البحر الأحمر الدولي، وكذلك القدية، والمربع الجديد في الرياض والذي يعد أكبر “داون تاون”، وكذلك المدن الصناعية والتجارية الجديدة أضف لذلك إعادة تطوير المدن لتنفض غبار التقادم، ولتكون مهيأة لشبكة الطرق والمواصلات الحديثة” المترو” وغيره.
كما حرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين على الاهتمام بالمدينتين المقدستين؛ مكة المكرمة والمدينة؛ تهيئةً وتطويرًا، ومن ذلك الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، لتظهر بما يليق بمكانتها، ولتواكب الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين والزائرين.
كما حرصت على أن تكون مركزا عالميا للألعاب الأولمبية، والمعارض والمنافسات المختلفة، ومن ذلك بطولة كأس العالم، وإكسبو، وسباق الراليات، إضافة للمؤتمرات والمنتديات العالمية المختلفة، وتلك جميعها جعلت من السعودية اسمًا عالميًا بارزًا، ووجهة سياحية جاذبة بتنوع طبيعتها، وتعدد مناطقها السياحية ذات الطبيعة الخلابة كالطائف والباحة وأبها، أو التاريخية كالعلا ومدائن صالح، وجدة التاريخية، وغيرها.
وفي المجال الاقتصادي أيضا، حرصت الدولة على تنوع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر أساسي، لذا أتخذت العديد من الإجراءات كتطوير قطاعات واعدة كالسياحة والترفية، وكذلك التعدين، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية، والصناعات التحويلية، والطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية، وغيرها مما يدعم الاقتصاد ويحقق التنمية المستدامة.
إن الحديث عن الملك سلمان كشخصية اعتبارية لها مكانتها وتاريخها المشرف، وما تحقق في عهده الميمون، وفي ظل قيادته الحكيمة وسمو ولي عهده الأمين، ليعد تحديًا صعبًا، يقف عنده المرء في حيرة بين الإقدام والإحجام من أن يجتزيء نزرًا يسيرًا من فضائله ومآثره السامية، عندئذٍ لا يجد حرجًا من أن يعلن قصوره وتقصيره عن الوفاء بحقه، كتكفيرٍ للعجز عن أن يجد ما يطاول قامته؛ فضلًا أن يبلغ هامته، أو يعدد مناقبه أو يحصي مواقفه الإنسانية أو فضائله وشمائله، إذ الحديث عن ملك عظيم بشخصه، كبير بإنجازاته، حقيق أن تفرد له مؤلفات ومؤلفات كقائد استثنائي؛ تسطر سيرته بمداد من ذهب لقاء ما قدم ويقدم لوطنه وشعبه وأمته، وللعالم أجمع؛ نشرًا للسلم والسلام!
حفظ الله علينا ديننا وأمننا، وقيادتنا، ووطننا، ولحمتنا، وأدام علينا الأمن والأمان؛ رخاء دومًا وأبدًا!
أ. فلاح الزهراني
@alzahrani_falah
عضو جمعية إعلاميون