د. سعود الغربي
@S_F_Algharbi
مؤسس ورئيس جمعية إعلاميون
في السنوات الأخيرة، برزت ملامح نهضة ثقافية متنامية في المملكة العربية السعودية، كان من أبرز تجلياتها ازدياد الاهتمام بالقراءة، بعد أن كانت عادة محدودة الانتشار في أوساط المجتمع. واليوم، تتجه الأنظار إلى تحوّل القراءة من نشاط نخبة محدودة إلى حراك جماهيري مدعوم بمبادرات حكومية ومجتمعية واسعة النطاق.
منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، وضعت القيادة السعودية الثقافة ضمن أولويات التنمية، فتم تأسيس هيئات تُعنى بالأدب والنشر والترجمة، ساهمت بفعالية في تطوير تنظيم معارض كبرى للكتاب على مستوى المملكة، وبكل تأكيد من أبرزها معرض الرياض الدولي للكتاب، حيث نعيش هذه الأيام احتفاليته، وبات هذا المعرض منصةً للتبادل الثقافي وعرض الإنتاج الأدبي العربي والعالمي، مستقطبًا مئات الآلاف من الزوار سنويًا.
هذا الاهتمام الرسمي انعكس على نظرة المجتمع للقراءة، حيث باتت تُقدَّم بوصفها وسيلة للارتقاء الفكري، وتوسيع المدارك، لا مجرد هواية معزولة.
وبلا شك، أسهمت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في تقريب الكتاب إلى فئات واسعة من الناس، خصوصًا الشباب. فقد انتشرت أندية القراءة الرقمية، وراجت مراجعات الكتب على منصات مثل “تويتر” و”يوتيوب”، وظهر ما يُعرف بـ”البلوغر القرّاء”، الذين أصبحوا مؤثرين ثقافيين يوجّهون الذوق القرائي لجمهورهم.
كما أوجدت التطبيقات الإلكترونية، مثل “أبجد” و”كتاب صوتي”، حلولًا مبتكرة لمشكلة ضيق الوقت، عبر الكتب الصوتية والرقمية، مما زاد من فرص الوصول إلى المحتوى القرائي بجودة وسرعة.
ورغم هذه التطورات، لا تزال عادة القراءة اليومية تعاني من منافسة شرسة مع الترفيه السريع، لا سيما الفيديوهات القصيرة والألعاب الإلكترونية. كما يشكو البعض من ارتفاع أسعار الكتب، أو نقص الوعي المجتمعي بأهمية القراءة خارج الإطار الأكاديمي.
في المقابل، برزت مبادرات شعبية لتشجيع القراءة، مثل “نادي الكتاب” في الجامعات والمدارس، ومشاريع تبادل الكتب في المقاهي والمكتبات العامة، إضافة إلى مبادرات فردية يقودها مثقفون سعوديون بهدف نشر الوعي القرائي بين فئات المجتمع كافة.
القراءة في السعودية اليوم ليست كما كانت قبل عقد من الزمن. هناك تحوّل ملموس في النظرة والاهتمام والممارسة. وبينما تسير المملكة بخطى ثابتة نحو تنمية شاملة، تبقى القراءة حجر الزاوية في بناء مجتمع معرفي يعي أهمية الكلمة وتأثيرها في تشكيل الأفراد والأمم.
واختم هذه المقالة، بالإشارة إلى مشاركة عدد من أعضاء جمعية إعلاميون، بإصداراتهم الفكرية في عناوين مختلفة بحسب اهتمام كل زميلة وزميل، ما بين الموضوعات المتخصصة والرواية وغيرها، وهذا ما يدفعنا سنوياً لمساندتهم وزيارة المعرض، والمساهمة في تغطية المعرض إعلامياً وتعزيز ونشر ثقافة القراءة وإبرازها كحضور إعلامي من الوعي والثقافة. كما الكثير من أعمال الجمعية وإنتاجها، يعزز الوعي والثقافة، ويقدر المثقفين والمبدعين، خصوصاً أعضائها الذين هم محل فخر واعتزاز لها، وتنظر لهم كسفراء للمجتمع في مجالات الفكر والثقافة والوعي.
د. سعود الغربي
@S_F_Algharbi
مؤسس ورئيس جمعية إعلاميون