مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

ثقافة الترند.. بين التأثير والجوهر؟

 

في زمن السرعة، لم تعد المعلومة هي الأهم، بل اللحظة التي تنتشر فيها. ومع صعود المنصات الرقمية، برزت ما يُعرف بـ”ثقافة الترند” – وهي الحالة التي تفرض فيها مواضيع أو أحداث أو أشخاص أنفسهم على المشهد العام لفترة وجيزة، لكنها ذات تأثير كبير.

ثقافة الترند ليست ظاهرة سلبية بالمطلق؛ بل يمكن أن تكون محفزًا للنقاش، ومصدرًا للوعي، وأداة ضغط جماهيري مؤثرة، خصوصًا حين يتعلق الأمر بقضايا اجتماعية أو إنسانية. ففي لحظة واحدة، يمكن لمقطع فيديو أو تغريدة أن تُحدث حراكًا، أو تُسقط قرارًا، أو تفضح خللًا.

لكن الإشكال يكمن في أن هذه الثقافة باتت – في كثير من الأحيان – تمنح الأولوية للانتشار على حساب القيمة، وللجذب اللحظي على حساب العمق والمصداقية. فكم من محتوى تافه تصدّر الترند، وكم من قضية جوهرية غابت لأنها لا تمتلك “وصفة الانتشار”!

ومع هذا الزخم، وقع الكثير من الأفراد تحت ضغط “الظهور”، فأصبح الترند هو البوصلة التي تحدد ما يُقال، ومتى يُقال، وكيف يُقال، حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ أو الجودة أو الحقيقة. بل إن بعض الجهات والمؤسسات لم تعد تسأل: هل هذا المحتوى هادف؟ بل: هل سيصعد للترند؟

ولعل من المهم هنا أن نفرّق بين الترند الهادف والترند الموجّه أو العابر. فالثقافة الواعية لا ترفض الترند، بل تعي خطورته، وتُحسن استغلاله بما يخدم القيم والمجتمع والمعرفة.

في نهاية المطاف، نحن بحاجة إلى ثقافة نقدية تواكب الترند دون أن تنساق خلفه، وتستثمر أدواته دون أن تفقد هويتها. فليكن الترند وسيلة.. لا غاية.

 

أ. شادية الغامدي
@shadiyah-gh
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop