ينطلق ملتقى وجائزة «عزوة» للمشاركة المجتمعية 2025، يومي 28 و29 أكتوبر الجاري، كأول جائزة وطنية تعزّز مفهوم المشاركة المجتمعية، وكشهادة حيّة على التحوّل العميق الذي ينساب المجتمع، ليصبح الإنسان هو مهندس التنمية وشريكها الأصيل، وذلك في إطار رؤية 2030 التي تؤمن بأن الازدهار ينتج من المشاركة والتعاون.
تنبع جائزة «عزوة» من قناعة بأن المجتمع لا يُشيَّد بالقرارات والقوانين وحدها، بل بالروابط المتنوعة التي تربط أفراده ومنظماته حول مبدأ التمكين المجتمعي والمسؤولية الجماعية، وتجسيد لفكرة أن كل مبادرة، سواء كانت تطوعية أو ريادية، تمتلك القدرة على إعادة تشكيل الفضاء العام، محوّلة المشاركة من فعل عابر إلى نهج منظم ودائم يعزّز رأس المال الاجتماعي ويرسّخ ثقافة الانتماء كأساس للحوكمة التشاركية والتنمية المستدامة.
فمن خلال الجائزة، التي أعلنتها أمانة منطقة الرياض، تسعى «عزوة» إلى جعل المشاركة المجتمعية نظامًا مؤسسيًا متجذّرًا، يُمكّن المواطن من المساهمة في صياغة القرارات المحلية، ويحوّل الشراكات بين القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعية إلى محرّك للرقي الحضري.
ترسم الجائزة أربعة ملامح للمشاركة والعطاء الوطني، عبر مسارات تجسد الشمول والتنمية التشاركية، ففي “مسار التطوع البلدي”، يتجلى أثر الأيادي التي تُعيد للمدينة جمالها، بينما يفتح “مسار المبادرات المجتمعية الريادية” الأفق أمام الأفكار المبتكرة التي تصنع التغيير من خلال شراكات واعية وفاعلة، ويجسد “مسار المسؤولية المجتمعية” التزام القطاع الخاص بالابتكار الاجتماعي كقيمة تنموية، في حين يكرّم “مسار أمانة الرياض التقديري”، الذين جعلوا من العطاء نهجاً مؤسسياً وروحاً وطنية متجددة، وبهذا، تصبح الجائزة منبرًا يحتضن الأفكار المبتكرة، ويوثّق التجارب الناجحة، ويحتفي بالمبادرات التي تمسّ حياة الناس.
ولا يفوتنا الإشارة إلى أن خلف هذه الرؤية يقف روّاد ملتزمون بقضية التمكين المجتمعي، يُمهّدون بجهودهم الطريق لتحويل المشاركة المجتمعية إلى استراتيجية وطنية، كالأستاذ عبدالوهاب بن فردان، الوكيل المساعد للمشاركة المجتمعية، الذي أرسى أسس الشراكات التطوعية من خلال ملتقيات واتفاقيات أعادت بناء الثقة بين الفرد والمنظمات، وكذلك الدكتور عارف السلمي، مدير عام الشراكة مع السكان، الذي أثْرى المجال بدراساته المتعددة حول التطوع وغيره ودوره في تعزيز المرونة الاجتماعية، مقدّمًا إطارًا بحثيًا وميدانيًا يجعل المبادرات أكثر نضجًا وأثرًا.
تأتي جائزة «عزوة» للمشاركة المجتمعية، كمؤشر يعزّز من القيمة الحضارية للمشاركة، ونقلة نوعية تؤكد أن التنمية ليست مشروعًا للمؤسسات العامة فحسب، بل إرثًا مجتمعيًا ينهض حين تتوحّد الإرادات وتتكامل القوى، وتمتد جميع الأيدي، أفرادًا ومنظمات، بالمشاركة في تنمية الوطن ونهضته.
د. يوسف الهاجري
@aboaadl2030
عضو جمعية إعلاميون