تمثل العلاقة بين الشعوب بوابة مهمة جدًا لتقوية العلاقات بين الدول ممثلة في حكوماتها والمجالات الحيوية المؤثرة في هذه العلاقة سواء سياسيًّا، أو تجاريًّا، أو عسكريًّا، أو ثقافيًّا، وحتى رياضيًّا، لذلك يلعب الإعلام دورًا حيويًا، ومؤثرًا في التقارب بين الشعوب، سواء من خلال وسائل الإعلام التقليدية كالتلفاز ، والإذاعة، والصحف، أو من خلال الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال الإعلاميين أنفسهم، وبرامج العلاقات العامة المختلفة.
وقد تعتبر بوابة الثقافة والتعريف بالآخر، من أسهل هذه النوافذ، وأكثرها شعبية. والتعامل بين المجتمعات، خاصة عندما تشكل السياحة أحد مكوناتها، لهذا يساهم الإعلام في تعريف الشعوب بثقافات مختلفة، من خلال عرض العادات، والتقاليد، والموسيقى، والطعام، والفنون، وغيرها. ويُظهر التنوع الثقافي كقيمة إيجابية، مما يساعد على بناء التفاهم المتبادل والاحترام بين الشعوب.
وقد عشنا تجربة قريبة مع الزملاء الإعلاميين من دول الخليج العربي، وآخرين من دول عربية يعملون معنا بالإعلام الخليجي، وشكلت الزيارة الإعلامية السياحية للشمال التركي، فرصة كبيرة للتعرف على تعزيز الحوار والتفاهم، والاستماع لوجهات النظر المختلفة حول القضايا الدولية، ويوفر منبرًا للحوار المفتوح بين الشعوب، مما يقلل من الأحكام المسبقة وسوء الفهم.
ما يميز الرحلة الإعلامية للشمال التركي، هو اهتمام المسؤولين الحكوميين الأتراك، وحرصهم على استقبال الإعلاميين والاستماع لوجهات نظرهم، ومناقشتهم لأدوار الإعلامي الحيوية في التقريب بين الشعب التركي والشعوب الخليجية، مؤكدين أن تركيا ترحب بهم كأهل بيت وليس كزائرين أو سائحين فقط، وأن الروابط الإسلامية، والمجتمعية، والاقتصادية، والسياسية كلها تشكل وحدة بينهم مع أشقائهم الخليجيين والعرب جميعًا.
وأبدى المسؤولون التركيون انزعاجهم من الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعية، وأن هناك من يحاول تشويه هذه العلاقات الطيبة بين الشعوب، وتقديم صور نمطية مغلوطة، وهم يراهنون على الإعلام والإعلاميين في تصحيح الصور النمطية السلبية التي قد تُرسم عن تركيا وشعبها المضياف، وذلك عبر تقديم محتوى موضوعي ومتوازن.
الإعلاميون المشاركون بالرحلة كانوا على مستوى رفيع من الوعي والثقافة، والمناقشة الصريحة والواضحة للتقريب بين الشعوب، ونقل الصور الحقيقية والواقعية، مؤكدين قوة الإعلام وتأثيره الواسع، وأنه من الممكن اليوم تعزيز العلاقات الإنسانية والثقافية بين الشعوب بطريقة لم تكن متاحة في السابق من خلال الإعلام والإعلاميين، وما يقدمونه من صناعة محتوى واعية ومسؤولة تعمل على بناء الجسور لا لتعميق الفجوات، وتهدف إلى تعزيز السلام لا تزكية النزاعات.
هذه التجربة الثرية، بإذن الله ستقود إلى تجارب أكثر حيوية وتحقيقًا للإعلام الناعم، وبناء العلاقات الإيجابية بين الشعوب مما يساهم في المزيد من السلم والسلام المجتمعي، ليس في محيطنا الجغرافي فقط، بل يمتد للعالم أجمع.
د. سعود الغربي
@S_F_Algharbi
مؤسس ورئيس مجلس إدارة إعلاميون